للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلغني أعزّ الله الأمير ما فتح الله عليك، وخروجُ ابن السريّ إليك؛ فالحمد لله الناصر لدينه، المعزّ لدولة خليفته على عباده، المذلّ من عَنَد عنه وعن حقه، ورغب عن طاعته. ونسأل الله أن يظاهرَ له النِّعم، ويفتح له بلدان الشِّرْك، والحمد لله على ما وليك به مذ ظعنتَ لوجهك؛ فإِنّا ومَنْ قبلنَا نتذاكر سيرتَك في حرْبك وسلمك، ونكثر التعجّب لما وُفَقت له من الشدّة والليان في مواضعهما، ولا نعلمَ سائس جندٍ ورعيّة عدل بينهم عدلَكَ، ولا عفا بعد القدرة عمن آسفه وأضغنه عفوك؛ ولَقَلّ ما رأينا ابن شَرف لم يُلقِ بيده متّكلا على ما قدّمَتْ له أبوّته، ومَنْ أوتيَ حظًّا وكفاية وسلطانًا وولاية لم يخلد إلى ما عفا حتى يخلّ بمساماة ما أمامه. ثم لا نعلمَ سائسًا استحقّ النُّجح لحسن السيرة وكفّ معرّة الأتباع استحقاقَك. وما يستجيز أحد ممن قبلنا أن يقدّم عليك أحدًا يهوى عند الحاقة والنازلة المعضلة فليهنك منّة الله ومزيده، ويسوّغك الله هذه النعمة التي حواها لك بالمحافظة على ما به تمّت لك؛ من التَّمسك بحبل إمامك ومولاك ومولى جميع المسلمين، وملّاك وإيانا العيش ببقائه.

وأنت تعلم أنك لم تزل عندنا وعند من قِبَلنا مكرمًا مقدّمًا معظمًا؛ وقد زادك الله في أعين الخاصّة والعامة جلالةً وَبَجَالةً؛ فأصبحوا يرجونك لأنفسهم، ويُعدوّنك لأحداثهم ونوائبهم؛ وأرجو أنْ يوفّقك الله لمحابِّه كما وفق لك صنعه وتوفيقه؛ فقد أحسنت جوار النعمة فلم تطغك، ولم تزدد إلا تذلُّلًا وتواضعًا؛ فالحمد لله على ما أنالك وأبلاك، وأودع فيك. والسلام.

* * *

وفي هذه السنة قدم عبد الله بن طاهر بن الحسين مدينة السلام من المغرب، فتلقّاه العباس بن المأمون وأبو إسحاق المعتصم وسائر الناس، وقدم معه بالمتغلّبين على الشام كابن السرْج وابن أبي الجَمَل وابن أبي الصفر (١).

ومات موسى بن حفص، فولى محمد بن موسى طبَرِستان مكان أبيه.

وولى حاجب بن صالح الهند فهزمه بشْر بن داود، فانحاز إلى كرمَان.


(١) انظر المنتظم (١٠/ ٢٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>