للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلغه ذلك شخص حتى دخل أرض الرّوم يوم الإثنين لإحدى عشرة بقيتْ من جُمادى الأولى من هذه السنة، فلم يزل مقيمًا فيها إلى النّصف من شعبان.

وقيل: إن سبب ذلك أن تَوْفيل بن ميخائيل كتب إليه، فبدأ بنفسه فلمّا ورد الكتاب عليه لم يقرأه، وخرج إلى أرض الرُّوم، فوافاه رسل تَوْفيل بن ميخائيل بأذَنَة، ووجّه بخمسمائة رجل من أسارى المسلمين إليه، فلما دخل المأمون أرضَ الروم، ونزل على أنطيغوا، فخرج أهلها على صلح وصار إلى هرقَلْةَ، فخرج أهلها إليه على صلح، ووجّه أخاه أبا إسحاق، فافتتح ثلاثين حصنًا ومطمورة. ووجّه يحيى بن أكثم من طُوانة، فأغار وقتل وحرّق، وأصاب سبْيًا ورجع إلى العسكر. ثم خرج المأمون إلى كيسوم، فأقام بها يومين أو ثلاثة، ثم ارتحل إلى دمشق.

وفي هذه السنة ظهر عَبْدوس الفِهريّ، فوثب بمن معه على عمّال أبي إسحاق، فقتل بعضهم؛ وذلك في شعبان، فشخص المأمون من دِمشق يوم الأربعاء لأربعَ عشرة بقيتْ من ذي الحجّة إلى مصر (١).

وفيها قدم الأفشين من بَرْقة منصرفًا عنها، فأقام بمصر.

وفيها كتب المأمون إلى إسحاق بن إبراهيم يأمره بأخذ الجند بالتَّكْبير إذا صلَّوْا، فبدؤوا بذلك في مسجد المدينة والرُّصافة يوم الجمعة لأربع عشرة ليلة بقيتْ من شهر رمضان من هذه السنة، حين قضوا الصلاة، فقاموا قيامًا، فكبّروا ثلاث تكبيرات، ثم فعلوا ذلك في كلِّ صلاة مكتوبة (٢).

وفيها غضب المأمون على عليّ بن هشام، فوجّه إليه عُجيف بن عنبسة


(١) انظر البداية والنهاية (٨/ ١٦٣).
(٢) في نسبة بدعة كهذه إلى المأمون نظر وهذا الخبر لا يصح للأسباب التالية:
١ - لو كان صحيحًا لتناقلته كتب الفقه من المذاهب المختلفة كنقلهم مسألة وقوع الطلاق مرة واحدة (بثلاث) ومسألة توزيع أرض السواد وما إلى ذلك.
٢ - المعروف عن المأمون أنه كان حريصًا على اتباع السنة فيما يتعلق بالشعائر التعبدية كما سيأتي عند الحديث عن سيرته. وهذا مخالف لذلك.
٣ - مسألة هامة كهذه لابد من ذكرها بإسناد ولو منقطع ولكن الطبري ذكرها بلا إسناد كما ترى والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>