إليهِ، ورحل الأفشين من برْزَند، ورحل أبو سعيد من خُش يريد بابك، فتوافوا بموضع يقال لهُ دروذ، فاحتفر الأفشين بها خندقًا، وبنى حولهُ سورًا، ونزلَ هو وأبو سعيد في الخندق مع مَنْ كانَ صاد إليهِ من المطوعة؛ فكان بينهُ وبين البَذ سِتَّة أميال. ثم إن بُغا تجهزَّ، وحمل معه الزَّادَ من غير أن يكون الأفشين كتبَ إليه ولا أمرهُ بذلك، فدار حولَ هَشتادسر حتى دخلَ إلى قريةِ البذ، فنزل في وسطها، وأقامَ بها يومًا واحدًا، ثم وجه ألف رجل في علافة له، فخرج عسكر من عساكر بابك، فاستباح علافة، وقتل جميع مَنْ قاتلهُ منهم، وأسر من قدر عليه، وأخذ بعض الأسرى؛ فأرسلَ لهم رجلين مما يلي الأفشين، وقال لهما: اذهبا إلى الأفشين، وأعلماهُ ما نزل بأصحابكم. فأشرف الرَّجُلان، فنظر إليهما صاحب الكُوهْبانيَّة، فحرَّكَ العلمَ، فصاحَ أهلُ العسكر: السلاح السلاح! وركبوا يريدون البذّ، فتلقَّاهُم الرجلان عُريانين؛ فأخذهما صاحبُ المقدِّمة، فمضى بهما إلى الأفشين، فأخبراه بقضيتهما، فقال: فعل شيئًا من غير أن نأمره. ورجع بُغَا إلى خندق محمد بن حميد شبيهًا بالمنهزمِ؛ وكتبَ إلى الأفشين يعلمهُ ذلكَ، ويسألهُ المدد، ويعلمهُ أنَّ العسكر مفلول، فوجَّهَ إليهِ الأفشينُ أخاه الفضل بن كاوس وأحمد بن الخليل بن هشام وابن جَوْشن وجَنَاحا الأعور السكري، وصاحب شرطة الحسن بن سهل - وأحد الأخوين قرابة الفضل بن سهل - فداروا حولَ هَشْتادسر، فسُرَّ أهل عسكره بهم، ثم كتبَ الأفشين إلى بُغا يعلمهُ أنه يغزو بابك في يوم سمَّاه له، ويأمرهُ أن يغزوَه في ذلكَ اليوم بعينه، ليحاربهُ من كلا الوجهين؛ فخرجَ الأفشينُ في ذلكَ اليوم مِنْ دَروذ يريد بابك، وخرجَ بُغا من خندق محمد بن حميد، فصعد إلى هَشتادسر، فعسكر على دعوة بجنب قبر محمد بن حميد، فهاجت ريحٌ باردة ومطر شديد، فلم يكن للناس عليها صبر لشدة البرد وشدَّةِ الريح، فانصرفَ بُغا إلى عسكرهِ، وواقعهم الأفشين من الغد، وقد رجعَ بُغا إلى عسكره، فهزمهُ الأفشين، وأخذ عسكرهُ وخيمتهُ وامرأة كانت معه في العسكر. ونزل الأفشين في معسكر بابك، ثم تجهَّزَ بُغا من الغد، وصعد هَشْتادسر، فأصابَ العسكر الذي كانَ مقيمًا بإزائهِ بهشتادسر وقد انصرف إلى بابك، ورحل بُغا إلى موضعه، فأصابَ خُرَثيَّا وقُماشًا، وانحدر من هَشتادسر يريد البذ، فأصابَ رجلًا وغلامًا نائمين فأخذهما داودسياه - وكان على مقدمته - فسألهما، فذكرا أن رسولَ بابك أتاهم في الليلةِ التي انهزم فيها بابك، فأمرهم أن