للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إيَّاهم لِمَا وجَّههم له ما حدَّثنا ابنُ حميد، قال: حدَّثنا سلَمة، قال: وحدّثني محمد بن إسحاق، قال: فأقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة بقيّة شوّال وذا القَعْدة وذا الحِجَّة والمحرَّم، ووليَ تلك الحجَّة المشركون.

ثم بعث أصحاب بئر معونة في صفَر على رأس أربعة أشهر من أحُد، وكان من حديثهم ما حدّثني أبي إسحاق بن يَسار، عن المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وعبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، وغيرهما من أهل العلم، قالوا: قدم أبو برَاء عامر بن مالك بن جعفر ملَاعِبُ الأسنَّة - وكان سيِّد بني عامر بن صَعْصعة - على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة، وأهدى له هدية، فأبى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقبَلها، وقال: يا أبا بَراء، لا أقبل هديّة مشرك، فأسْلِمْ إن أردتَ أن أقبل هديّتك. ثم عرض عليه الإسلام، وأخبره بما له فيه، وما وعبد الله المؤمنين من الثَّواب، وقرأ عليه القرآن فلم يسلِم ولم يبعُد، وقال: يا محمَّد، إنَّ أمرك هذا الذي تدعو إليه حَسَنٌ جميل، فلو بعثت رجالًا من أصحابك إلى أهل نَجْد فدعَوْهم إلى أمرك رجوت أن يستجيبوا لك. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنّي أخشى عليهم أهل نجْد! فقال أبو بَرأء: أنا لهم جارٌ، فابعثهم فليدعُوا النَّاس إلى أمرك. فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المنذر بن عمرو أخا بني ساعدة المُعْنِقَ ليموت في أربعين رجلًا من أصحابه من خيار المسلمين، منهم الحارث بن الصمَّة، وحرام بن مِلْحان أخو بني عديّ بن النّجار، وعُروة بن أسماء بن الصَّلْت السُّلَميّ، ونافع بن بُدَيل بن ورقاء الخُزاعي، وعامر بن فُهَيرة مولى أبي بكر، في رجال مُسَمَّينَ من خيار المسلمين (١). (٢: ٥٤٥/ ٥٤٦).


(١) إسناده إلى ابن إسحاق ضعيف وقد ذكره ابن إسحاق مرسلًا، والخبر أخرجه ابن هشام في السيرة من طريق ابن إسحاق هذا فيكون إسناد ابن هشام (٢/ ١٧٤) مرسلًا صحيحًا، وكذلك أخرجه خليفة بن خياط (تأريخ خليفة / ٧٦) وأخرجه موسى بن عقبة في مغازيه مرسل عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب (وانظر فتح الباري ٧/ ٢٤٦) وإن كان العدد الذي ذُكر فيه (٤٠ رجلًا) مخالفًا لما في صحيح البخاري وغيره (٧٠ رجلًا).
وإلَّا فبقية التفاصيل لها ما يؤبدها من الروايات الصحيحة كما سنذكر وما في الصحيح من عددٍ أصح وألزم - وإن كان الحافظ قد ذكر وجهًا من الجمع إذ قال: (ويمكن الجمع بينه وبين الذي في الصحيح بأن الأربعين كانوا رؤساء وبقية العدد أتباعًا) (فتح الباري ٧/ ٤٤٧).
قلنا: وما سوى الاختلاف في العدد فأصل القصة صحيح ثابت فعن كعب بن مالك رضي الله =

<<  <  ج: ص:  >  >>