وذكر عن محمد بن حفص أن حيان بن جَبَلة مولى عبد الله بن طاهر، كان أقبل مع الحسن بن الحسين إلى ناحية طميس، فكاتب قارن بن شهريار، ورغبه في الطاعة، وضمن له أن يملكه على جبال أبيه وجده، وكان قارن من قواد مازيار وهو ابن أخيه. وكان مازيار صيَّره مع أخيه عبد الله بن قارن، وضمّ إليهما عدة من ثقات قواده وقراباته؛ فلما استملاه حيان؛ وكان قارن قد ضمن له أن يسلم له الجبال، ومدينة سارية إلى حد جُرجان، على أن يملكه على جبال أبيه وجده إذا وفى له بالضمان، وكتب بذلك حيان إلى عبد الله بن طاهر، سجل له عبد الله بن طاهر بكل ما سأل، وكتب إلى حيان بأن يتوقف ولا يدخل الجبل ولا يُوغل حتى يكون من قارن ما يُستدل به على الوفاء، لئلا يكون منه مكر؛ فكتب حيان إلى قارن بذلك، فدعا قارن بعبد الله بن قارن وهو أخو مازيار، ودعا جميع قواده إلى طعامه، فلما أكلوا ووضعوا سلاحهم واطمأنوا أحدق بهم أصحابه في السلاح الشاك، وكتفهم ووجه بهم إلى حيان بن جبلة، فلما صاروا إليه استوثق منهم، وركب حيان في جمعه حتى دخل جبال قارن.
وبلغ مازيار الخبر فاغتم لذلك، وقال له القوهيار أخوه: في حبسك عشرون ألفًا من المسلمين، من بين إسكاف وخياط، وقد شغلت نفسك بهم، وإنما أتيت من مأمنك وأهل بيتك وقرابتك فما تصنع بهؤلاء المحبسين عندك؟ قال: فأمر مازيار بتخلية جميع من في حبسه، ثم دعا إبراهيم بن مهران صاحب شرطته، وعليَّ بن ربَّن النصرانيَّ كاتبه، وشاذان بن الفضل صاحب خراجه، ويحيى بن الروذبهار جهبذه، وكان من أهل السهل عنده، فقال لهم: إن حرمكم ومنازلكم وضياعكم بالسهل، وقد دخلت العرب إليكم، وأكره أن أشُومكم، فاذهبوا إلى منازلكم، وخذوا لأنفسكم الأمان ثم وصلهم، وأذن لهم في الانصراف، فصاروا إلى منازلهم وأخذوا الأمان لأنفسهم.
ولما بلغ أهل مدينة سارية أخذ سرخاستان واستباحة عسكره ودخول حيان بن جبلة جبل شروين، وثبوا على عامل مازيار بسارية - وكان يقال له مهريستاني بن شهريز - فهرب منهم، ونجا بنفسه، وفتح الناس باب السجن، وأخرجوا من فيه، ووافى حيان بعد ذلك مدينة سارية، وبلغ قوهيار أخا مازيار موافاة حيان سارية، فأطلق محمد بن موسى بن حفص الذي كان عامل طبرسان من حبسه،