وأخرج القاضي وكيع قال حدثني موسى بن جعفر أخو نفس الكاتب - قال: كان أحمد بن أبي دواد - حين ولى المعتصم الخلافة - عادى الأفشين وحرض عليه المعتصم وكان جسورًا مقدامًا لا يبالي ما يصنع فلم يزل يخبر المعتصم بأن الأفشين على دين المجوسية وأنه كاتب المرزبان حتى عصى وأنه ... وأنه ... حتى أوغر قلب المعتصم على الأفشين وهمّ به بعد أخذ المرزبان فجمع بينه وبينه [أخبار القضاة/ ٦٧٩]، وأخرج عن موسى بن جعفر الذي عاصر تلك الأحداث وحضر بعضها قال: ونوظر الأفشين فقال: المعتصم هاتوا احتجوا عليه فقال ابن أبي دواد: كاتب المرزبان يا أمير المؤمنين فقال الأفشين: أنتم قلتم لي كاتبه وأطعمه فإنك ملك وهو ملك ففعلت. قال ابن أبي دواد هو يعبد الأصنام وهو أغلف، وأخرج من خزانته تماثيل، فقال الأفشين: هذه سماجات يلعب بها كما يلعب العجم فأخرج ابن أبي دواد حقة فيها سم من خزانته ودعا برجل فاستحلفه أنه أمره أن يسم المعتصم فحلف الرجل فاستحل المعتصم دمه فقتله [أخبار القضاة/ ٦٧٩]. ولو قارن القاريء الكريم بين الروايات الثلاث (رواية الطبري والصولي والقاضي وكيع) يتبيّن له بعض التباين والفروق ولعلّ الأرجح هو اتهام ابن أبي دواد للأفشين بأمور زورًا وبهتانًا وليس ذلك بمستبعد فقد كان ابن أبي دواد خبيث السريرة رأسًا من رؤوس البدع والضلالة لم يتوانى في تحريض المعتصم على تعذيب الناس ومحنتهم وإهانتهم بل وحتى قتلهم ومحنة الإمام أحمد بن حنبل خير دليل على ذلك وكذلك مقتل أحمد بن نصر الخزاعي في عهد الواثق والله تعالى أعلم.