أصحابَه أن يُفرجوا له، فأفرجوا له حتى جاوزهم، ورجع إلى عسكر نفسه؛ ثم أمهل رجاء، وقال لأصحابه: إنه سيحمل عليكم مرّة أخرى، فأفرِجوا له؛ فإذا أراد الرجوع فحولوا بينه وبين ذلك، وخُذوه. ففعل المبرقع ذلك، فحمل على أصحاب رجاء، فأفرجوا له حتى جاوزهم، ثمّ كرّ راجعًا فأحاطوا به، فأخذوه فأنزلوه عن دابته.
قال: وقد كان قدم على رجاء حين ترك معالجة المبرقَع الحرب من قِبَل المعتصم مستحتُّ، فأخذ الرسول فقيّده إلى أن كان من أمره، وأمر أبي حرب ما كان مما ذكرنا، ثم أطلقه.
قال: فلما كان يوم قدوم رجاء بأبي حرب على المعتصم، عزله المعتصم على ما فعل برسوله، فقال له رجاء: يا أمير المؤمنين، جعلني الله فداك! وجّهتَني في ألف إلى مائة ألف؛ فكرهت أن أعاجله فأهلِك ويهلك مَنْ معي، ولا نغني شيئًا؛ فتمهّلت حتى خفَّ مَنْ معه، ووجدت فرصة، ورأيت لحربه وجهًا وقيامًا؛ فناهضته وقد خفَّ مَنْ معه وهو في ضعف، ونحن في قُوّة، وقد جئتك بالرجل أسيرًا.
قال أبو جعفر: وأما غير من ذكرت أنه حدثني حديث أبي حرب على ما وصفت، فإنه زعم أن خروجه إنما كان في سنة ست وعشرين ومائتين بالرّملة، فقالوا: إنه سفيانيّ، فصار في خمسين ألفًا من أهل اليمن وغيرهم، واعتقد ابن بيهس وآخران معه من أهل دِمشق، فوجّه إليهم، المعتصم رجاء الحضاريّ في جماعة كبيرة، فواقعهم بدمشق؛ فقتِل من أصحاب ابن بيهس وصاحبيه نحوًا من خمسة آلاف؛ وأخذ ابن بيهس أسيرًا، وقتل صاحبيه، وواقع أبا حَرْب بالرّملة، فقتل من أصحابه نحوًا من عشرين ألفًا، وأسر أبا حرب، فحمِل إلى سامراء، فجعل وابن بيهس في المطبق.
* * *
وفي هذه السنة أظهر جعفر بن مهرجش الكرديّ الخلاف، فبعث إليه المعتصم في المحرّم إيتاخ إلى جبال الموصل لحربه، فوثب بجعفر بعض أصحابه فقتله.