حمادًا مسلحةً للمدينة لئلّا يتطرقهّا الأعراب، في مائتي فارس من الشاكريّة - فتوجّه إليهم حمّاد في جماعة من الجند ومَنْ تطوّع للخروج من قريش والأنصار ومواليهم وغيرهم من أهل المدينة، فسار إليهم فلقيتْه طلائعهم. وكانت بنو سليم كارهة للقتال، فأمر حماد بن جرير بقتالهم، وحمل عليهم بموضع يقال له الرّوَيْثة من المدينة على ثلاث مراحل؛ وكانت بنو سليم يومئذ وأمدادها جاءوا من البادية في ستمائة وخمسين، وعامة مَنْ لقيَهم من بني عَوْف من بني سُلَيم، ومعهم أشهب بنُ دُوَيكل بن يحيى بن حمير العوفيّ وعمه سلمَة بن يحيى وعُزيزة بن قطَّاب اللَّبيديّ من بني لبيد بن سُليم، فكان هؤلاء قوّادهم، وكانت خيلهم مائة وخمسين فرسًا، فقاتلهم حماد وأصحابه؛ ثم أتت بني سليم أمدادُها خمسمائة من موضع فيه بَدْوهمْ وهو موضع يسمّى أعلى الرويثة؛ بينها وبين موضع القتال أربعة أميال، فاقتتلوا قتالًا شديدًا، فانهزمت سودان المدينة بالناس؛ وثبت حمّاد وأصحابه وقريش والأنصار، فصلُوا بالقتال حتى قُتِل حماد وعامة أصحابه، وقُتل مِمّن ثبت من قريش والأنصار عددٌ صالح، وحازت بنو سُليم الكُراع والسلاح والثياب؛ وغلُظ أمر بني سُلَيم، فاستباحت القرى والمناهل، فيما بينها وبين مكة والمدينة، حتى لم يمكن أحدًا أن يسلك ذلك الطريق؛ وتطرّقوا مَنْ يليهم من قبائل العرب.
فوجّه إليهم الواثق بُغا الكبير أبا موسى التركيّ في الشاكريّة والأتراك والمغاربة، فقدِمها بُغا في شعبان سنة ثلاثين ومائتين، وشخص إلى حَرّة بني سليم، لأيام بقين من شعبان، وعلى مقدّمته طردوش التركيّ، فلقيهم ببعض مياه الحَرّة؛ وكانت الوقعة بشقّ الحرّة من وراء السُّوارقيَّة، وهي قريتهم التي كانوا يأوون إليها - والسوارقية حصون - وكان جُلّ من لقيه منهم من بني عوف فيهم عُزيزة بن قطَّاب والأشهب - وهما رأسا القوّاد يومئذ - فقتَل بُغا منهم نحوًا من خمسين رجلًا، وأسر مثلهم؛ فانهزم الباقون، وانكشف بنو سليم لذلك؛ ودعاهم بُغا بعد الوقعة إلى الأمان على حُكْم أمير المؤمنين الواثق، وأقام بالسوارِقيَّة فأتوْه، واجتمعوا إليه، وجمعهم من عشرة واثنين وخمسة وواحد، وأخذ مَن جمعت السوارقيّة من غير بني سليم من أفناء الناس، وهربت خُفَاف بني سُلَيم إلّا أقلها، وهي التي كانت تؤذي الناس، وتطرّق الطريق، وجلّ مَنْ صار