إلى عمله من إرمينيَة خرج رجل من البطارقة يقال له بُقراط بن أشُوط؛ وكان يقال له بطريق البطارقة، يطلب الإمارة، فأخذه يوسف بن محمد، وقيّده وبعث به إلى باب الخليفة، فأسلم بُقراط وابنه، فذُكر أن يوسف لمّا حمل بقراط بن أشُوط اجتمع عليه ابن أخي بُقراط بن أشوط وجماعة من بطارقة إرمينيَة، وكان الثلج قد وقع في المدينة التي فيها يوسف، وهي - فيما قيل - طَرُون؛ فلما سكن الثلج أناخوا عليها من كلّ ناحية، وحاصروا يوسف ومَنْ معه في المدينة، فخرج يوسف إلى باب المدينة، فقاتلهم فقتلوه وكلّ مَنْ قاتل معه؛ فأما من لم يقاتل معه، فإنهم قالوا له: ضع ثيابك، وانجُ عريانًا، فطرح قوم منهم كثير ثيابهم، ونجوا عُراة حُفاة، فمات أكثرهم من البَرد، وسقطت أصابع قوم منهم ونجوا؛ وكانت البطارقة لمَا حمل يوسف بقراط بن أشوط تحَالفوا على قتله، ونذروا دمَه، ووافقهم على ذلك موسى بن زرارة، وهو على ابنة بقراط، فنهى سوادة بن عبد الحميد الحجّافيّ يوسفَ بن أبي سعيد عن المقام بموضعه، وأعلمه بما أتاه من أخبار البطارقة، فأبى أن يفعل، فوافاه القوم في شهر رمضان، فأحدقوا بسُور المدينة والثلج ما بين عشرين ذراعًا إلى أقلّ حول المدينة إلى خِلاط إلى دُبَيل، والدنيا كلها ثلج.
وكان يوسف قبل ذلك قد فرّق أصحابه في رساتيق عمله، فتوجّه إلى كلّ ناحية منها قوم من أصحابه، فوُجِّه إلى كل طائفة منهم من البطارقة، وممن معهم جماعة، فقتلوهم في يوم واحد، وكانوا قد حاصروه في المدينة أيامًا، فخرج إليهم فقاتل حتى قتِل، فوجّه المتوكل بُغا الشرابيّ إلى إرمينيَة طالبًا بدم يوسف، فشخص إليها من ناحية الجزيرة، فبدأ بأرزَن بموسى بن زرارة، وهو [أبو الحرّ] وله إخوة: إسماعيل وسليمان وأحمد وعيسى ومحمد وهارون، فحمل بغا موسى بن زرارة إلى باب الخليفة، ثم سار فأناخ بجبل الخويثي؛ وهم جَمّة أهل إرمينيَة، وقتلة يوسف بن محمد، فحاربهم فظفِر بهم، فقتل زهاء ثلاثين ألفًا، وسبى منهم خلقًا كثيرًا، فباعهم بإرمينيَة، ثم سار إلى بلاد الباق فأسر أشُوط بن حمزة أبا العباس وهو صاحب الباق - والباق من كُور البُسفُرّجان وبنيَ النشَوَى، ثم سار إلى مدينة دُبيل من إرمينية، فأقام بها شهرًا، ثم سار إلى تفليس.