شتم أبا بكر وعمر وعائشة وحفصة، سبعة عشر رجلًا؛ شهاداتهم - فيما ذكر - مختلفة من هذا النحو؛ فكتب بذلك صاحب بريد بغداد إلى عبيد الله بن يحيى بن خاقان، فأنهى عبيدُ الله ذلك إلى المتوكل، فأمر المتوكل أن يكتب إلى محمد بن عبد الله بن طاهر يأمره بضرب عيسى هذا بالسياط، فإذا مات رَمَى به في دجلة، ولم تدفع جيفته إلى أهله.
فكتب عبيد الله إلى الحسن بن عثمان جواب كتابه إليه في عيسى:
بسم الله الرحمن الرحيم؛ أبقاك الله وحفظك، وأتمّ نعمته عليك؛ وصل كتابك في الرّجل المسمّى عيسى بن جعفر بن محمد بن عاصم صاحب الخانات، وما شهد به الشهود عليه من شَتْم أصحاب رسول الله - صلي الله عليه وسلم - ولعنهم وإكفارِهم، ورميهم بالكبائر، ونسبتهم إلى النفاق؛ وغير ذلك مما خرج به إلى المعاندة لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -، وتثبُّتك في أمر أولئك الشهود وما شهدوا به، وما صح عندك من عدالة من عدل منهم، ووضح لك من الأمر فيما شهدوا به، وشرحك ذلك في رُقعة درج كتابك؛ فعرضت على أمير المؤمنين أعزّه الله ذلك؛ فأمر بالكتاب إلى أبي العباس محمد بن طاهر مولَى أمير المؤمنين أبقاه الله بما قد نفذ إليه، مما يشبه ما عنده أبقاه الله، في نُصرة دين الله، وإحياء سنَّته، والانتقام ممن ألحد فيه، وأن يُضرب الرجل حدًّا في مجمع الناس حدّ الشتم، وخمسمائة سوط بعد الحدّ للأمور العظام التي اجترأ عليها، فإن مات ألقيَ في الماء من غير صلاة ليكون ذلك ناهيًا لكل مُلْحِد في الدين، خارج من جماعة المسلمين؛ وأعلمتك ذلك لتعرفه إن شاء الله تعالى - والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
وذُكر أن عيسى بن جعفر بن محمد بن عاصم هذا - وقد قال بعضهم: إن اسمه أحمد بن محمد بن عاصم - لما ضُرِب ترِك في الشمس حتى مات، ثم رُمِيَ به في دِجلة.
* * *
وفي هذه السنة انقضّت الكواكب ببغداد وتناثرت، وذلك ليلة الخميس لليلة خلتْ من جمادى الآخرة.