النصرانيّ يقال له جابر بن هارون، لحيازة ما أقطع هنالك من الأرض، وعامل طَبَرستان يومئذ سليمان بن عبد الله خليفة محمد بن طاهر بن عبد الله بن طاهر، أخو محمد بن عبد الله بن طاهر، والمستولي على سليمان، والغالب على أمره محمد بن أوس البلخيّ؛ وقد فرّق محمد بن أوس ولده في مدن طَبرِستان، وجعلهم ولاتها، وضمّ إلى كلّ واحد منهم مدينة منها؛ وهم أحداث سُفهاء؛ قد تأذى بهم وبسفههم مَنْ تحتِ أيديهم من الرعيّة، واستنكروا منهم ومن والدهم ومن سليمان بن عبد الله سفههم وسِيَرَهم فيهم، وغلظ عليهم سوءُ أثرهم فيهم؛ بقِصَص يطول الكتاب بشرح أكثرها.
ووتَر مع ذلك - فيما ذُكر لي - محمد بن أوس الديلم بدخوله إلى ما قرب من بلادهم من حدود طَبَرستان؛ وهم أهل سِلْم وموادعة لأهل طَبرستان على اغترار من الدّيلم بما يلتمس بدخوله إليهم بغارة، فسبَى منهم وقتل، ثم انكفأ راجعًا إلى طبَرستان، فكان ذلك مما زاد أهل طبرستان عليه حَنَقا وغيظًا، فلما صار رسول محمد بن عبد الله - وهو جابر بن هارون النصرانيّ - إلى طبرستان لحيازة ما أقْطَعه هنالك محمد، عمد - فيما قيل لي - جابر بن هارون إلى ما أقطَع محمد بن عبد الله من صَوا في السلطان فحازه، وحاز ما اتّصل به من موات الأرض التي يَرْتفقِ بها أهلُ تلك الناحية - فيما ذُكر - فكان فيما رام حيازته من ذلك المواتُ الذي بقرب من الثغريْن اللّذين يسمى أحدهما كلار والآخر سالوس؛ وكان في تلك الناحية يومئذ رجلان معروفان بالبأس والشجاعة، وكانا مذكورين قديمًا بضبط تلك الناحية ممن رامها من الدَّيْلم، وبإطعام الناس بها وبالإفضال عمَنْ ضوى إليهما؛ يقال لأحدهما محمد وللآخر جعفر؛ وهما ابنا رستم أخوان؛ فأنكرا ما فعل جابر بن هارون من حيازته الموَات الذي وصفت أمره، ومانعاه ذلك.
وكان ابنا رستم في تلك الناحية مُطاعيْن فاستنهضا مَنْ أطاعهما ممّن في ناحيتهما لمنع جابر بن هارون من حيازة ما رام حيازَته من الموات الذي هو مَرْفق لأهل تلك الناحية - فيما ذُكر - وغير داخل فيما أقطعَه صاحبه محمد بن عبد الله، فنهضوا معهما، وهرب جابر بن هارون خوفًا على نفسه منهما وممن قد نهض معهما، لإنكار مارام جابر النصراني فعلَه، فلحق بسليمان بن عبد الله بن طاهر، وأيقن محمد وجعفر ابنا رستم ومَنْ نهض معهما في منع جابر عما حاول