للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قريش، إنَّكم والله ما أصبحتم بدار مُقام، لقد هلك الكُرَاع والخُفّ، وأخلَفتْنا بنو قريظة وبلغنا عنهم الَّذي نكره؟ ولقينا مِنْ هذه الريح ما تروْن؛ والله ما تطمئنّ لنا قِدْرٌ، ولا تقوم لنا نار، ولا يستمسك لنا بناءٌ؛ فارتحلوا فإني مرتحل.

ثم قام إلى جمَله وهو معقول، فجلس عليه، ثم ضربه فوثب به على ثلاث؛ فما أطلق عِقَاله إلَّا وهو قائم؛ ولولا عهدُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليّ ألا أحْدِث شيئًا حَتَّى آتيه، ثم شئت لقتلتُه بسهم. قال حذيفة:

فرجعتُ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو قائم يصلِّي في مِرْط لبعض نسائه مُرَحَّلٍ؛ فلمَّا رآني أدخلني إلى رحله وطرح عليّ طرف المِرْط ثم ركع وسجد؟ فأذْلَفْتُه، فلمَّا سلَّم أخبرتُه الخبر، وسمعتْ غطفان بما فعلتْ قريش، فانشمروا راجعين إلى بلادهم (١). (٢: ٥٧٩/ ٥٨٠ / ٥٨١).


(١) إسناده ضعيف ومتنه صحيح مفرقًا، فقد أخرج أحمد (٥/ ٣٩٢):
عن محمد بن كعب القرظي قال: "قال فتى منا من أهل الكوفة لحذيفة بن اليمان:
يا أبا عبد الله لقد رأيتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصحبتموه؟ قال: نعم يا بن أخي، قال: فكيف كنتم تصنعون؟ قال: والله كنا نجهد. قال: والله لو أدركناه ما تركناه يمشي على الأرض، ولجعلناه على أعناقنا، قال: فقال حذيفة: يابن أخي والله لقد رأيتنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالخندق وصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الليل هويًا. ثم التفت إلينا فقال: "من رجل يقوم فينظر لنا ما فعل القوم، يشترط له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يرجع، أدخله الله الجنة"؛ فما قام رجل، ثم صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هويًا، ثم التفت إلينا فقال: "من رجل يقوم فينظر لنا ما فعل القوم ثم يرجع، يشترط له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرجعة، أسأل الله أن يكون رفيقي في الجنة"، فما قام رجل من القوم من شدة الخوف وشدة الجوع وشدة البرد.
فلما لم يقم أحد دعاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يكن لي بد في القيام حين دعاني فقال: "يا حذيفة فاذهب فادخل في القوم فانظر ما يفعلون ولا تحدثن شيئًا حتى تأتينا". قال: فذهبت فدخلت في القوم، والريح وجنود الله تفعل ما تفعل لا تقر لهم قدر، ولا نار، ولا بناء، فقام أبو سفيان بن حرب فقال: يا معشر قريش لينظر امرؤ إلى جليسه، فقال حذيفة فأخذت بيد الرجل الذي جنبي فقلت من أنت؟ فقال: أنا فلان بن فلان. ثم قال أبو سفيان: يا معشر قريش إنكم والله ما أصبحتم بدار مقام لقد هلك الكراع، وأخلفتنا بنو قريظة وبلغنا منهم الذي نكره ولقينا من هذه الريح الذي ترون، والله ما تطمئن لنا قدر، ولا تقوم لنا نار، ولا يستمسك لنا بناء، فارتحلوا فإني مرتحل ثم قام إلى جمله وهو معقول، فجلس عليه ثم ضربه فوثب على ثلاث، فما أطلق عقله إلَّا وهو قائم، ولولا عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تحدث شيئًا حتى تأتيني ثم شئت لقتلته بسهم. =

<<  <  ج: ص:  >  >>