وذكر: أنّ قومًا منهم كنجور، وقفوا باب الشّماسيّة من قِبَل أبي أحمد، فطلبوا ابنَ طاهر ليكلموه، فكتب إلى وصيف يعلمه خبر القوم، ويسأله أن يعلم المستعين ذلك ليأمر فيه بما يرى؛ فردّ المستعين الأمر في ذلك إليه؛ وأن التدبير في جميع ذلك مردود إليه، فيتقدّم في ذلك بما رأى.
وذُكِر أنّ عليّ بن يحيى بن أبي منصور المنجم كلّم محمد بن عبد الله في ذلك بكلام غليظ، فوثب عليه محمد بن أبي عون فأسمعه وتناوله.
وذُكِر عن سعيد بن حُميد: أنّ أحمد بن إسرائيل والحسن بن مخلد وعبيد الله بن يحيى خَلَوْا بابن طاهر؛ فما زالوا يفتلونه في الذّرْوة والغارب، ويشيرون عليه بالصلح، وأنه ربما كان عنده قوم فأجْرَوا الكلام في خلاف الصُّلْح، فيكشر في وجوههم، ويعرض عنهم؛ فإذا حضر هؤلاء الثلاثة أقبَل عليهم وحادثهم وشاورهم.
وذكر عن بعضهم: أنه قال: قلت لسعيد بن حميد يومًا: ما ينبغي إلَّا أن يكون قد كان انطوى على المداهنة في أوّل أمره؛ قال: وددت أنه كان كذلك؛ لا والله ما هو إلَّا أن هُزِم أصحابه من المدائن والأنبار حتى كاتب القوم، وأجابهم بعد أن كان قد جادَّهم.
وحدّثني أحمد بن يحيى النحويّ - وكان يؤدّب ولد ابن طاهر - أنّ محمد بن عبد الله لم يزل جادًّا في نُصرة المستعين حتى أحفظه عبيد الله بن يحيى بن خاقان، فقال له: أطال الله بقاءك؛ إنّ هذا الذي تنصره وتجدّ في أمره من أشدّ الناس نفاقًا، وأخبثهم دينًا؛ والله لقد أمر وصيفًا وبغا بقتلك، فاستعظما ذلك ولم يفعلاه، وإن كنت شاكّا فيما وصفت من أمره، فسلْ تُخْبَرْه؛ وإن مِنْ ظاهر نفاقه أنه كان وهو بسامُرَّا لا يجهر في صلاته ببسم الله الرحمن الرحيم؛ فلما صار إلى ما قبلَك، جهر به مراءاةً لك؛ وتترك نصرة وليك، وصهرك وتربيتك؛ ونحو ذلك من كلام كلّمه به؛ فقال محمد بن عبد الله: أخزى الله هذا، لا يصلح لدين ولا دنيا، قال: وكان أوّل مَنْ تقدّم على صرف محمد بن عبد الله عن الجِدّ في أمر المستعين عبيد الله بن يحيى في هذا المجلس، ثم ظاهر عبيد الله بن يحيى على