زلَّال حتى قرب من المضرب، ثم خرج ودخل المضرَب مع محمد بن عبد الله، ووقف الذين مع كلّ واحد منهما من الجُنْد ناحية، فتناظر ابن طاهر وأبو أحمد طويلًا، ثم خرجا من المضرَب، وانصرف ابنُ طاهر من مضرَبه إلى داره في زلّال؛ فلما صار إليها خرج من الزلّال، فركب ومضى إلى المستعين ليخبرَه بما دار بينه وبين أبي أحمد، وأقام عنده إلى العَصْر، ثم انصرف؛ فذُكر أنه فارقه على أن يعطَى خمسين ألف دينار، ويُقطَع غلّة ثلاثين ألف دينار في السنة؛ وأن يكون مقامه بغداد حتى يجتمع لهم مال يُعطون الجند، وعلى أن يولَّى بُغا مكة والمدينة والحجاز، ووصيف الجبل وما والاه، ويكون ثلث ما يجيء من المال لمحمد بن عبد الله، وجُنْد بغداد والثلثان للموالي والأتراك.
وذُكر أنّ أحمد بن إسرائيل لما صار إلى المعتزّ ولّاه ديوانَ البريد، وفارقه على أن يكون هو الوزير وعيسى بن فرّخانشاه على ديوان الخراج وأبو نوح على الخاتم والتوقيع؛ فاقتسموا الأعمال، فوردت خريطة الموسم إلى بغداد بالسلامة، فبعث بها إلى أبي أحمد، ثم ركب ابن طاهر - فيما قيل - لأربع عشرة بقيت من ذي الحجة من هذه السنة إلى المستعين، لمناظرته في الخلْع، فناظره فامتنع عليه المستعين، وظنّ المستعين أن بُغا ووصيفًا معه، فكاشفاه فقال المستعين: هذا عُنقي والسيف والنِّطع؛ فلما رأى امتناعه انصرف عنه، فبعث المستعين إلى ابن طاهر بعليّ بن يحيى المنجم وقوم من ثقاته، وقال: قولوا له: اتق الله، فإنما جئتك لتدفع عني؛ فإن لم تدفع عني فكُفّ عني، فردّ عليه؛ أمَّا أنا فأقعد في بيتي؛ ولكن لابدّ لك من خلعها طائعًا أو مكرهًا.
وذكر عن عليّ بن يحيى أنه قال له: قل له: إن خلعتَها فلا بأس؛ فوالله لقد تمزّقت تمزقًا لا يُرقع؛ وما تركتَ فيها فضلًا، فلما رأى المستعين ضعفَ أمره وخذلانَ ناصريه أجاب إلى الخلْع؛ فلما كان يوم الخميس لاثنتي عشرة ليلة بقيَتْ من ذي الحجة وجَّه ابنُ طاهر ابنَ الكرديّة وهو محمد بن إبراهيم بن جعفر الأصغر بن المنصور والخلنجيّ وموسى بن صالح بن شيخ وأبا سعيد الأنصاريّ وأحمد بن إسرائيل ومحمد بن موسى المنجم إلى عسكر أبي أحمد ليوصِلوا كتابَ محمد إليه بأشياء سألها المستعين من حين نُدِب إلى أن يخلع نفسه، فأوصلوا الكتاب، فأجاب إلى ما سأل، وكتب الجواب بأن يُقطع وينزل مدينة