قال: فلقيَه أوّل الجيش، فأقاموا عليه وأنزلوه ودابته، فضربوه ضربة بالسيف، فصاح وصاحت دابته، ثم قُتِل؛ فلما قُتِل انصرف الجيش.
قال: فصرت إلى الموضع، فإذا هو مقتول في سراويل بلا رأس؛ وإذا المرأة مقتولة، وبها عدّة ضربات، فطرحنا عليهما نحن تراب النَّهر حتى واريناهما، ثم انصرفنا.
قال: وأتِيَ المعتزّ برأسه وهو يلعب بالشطرنج؛ فقيل: هذا رأس المخلوع فقال: ضعوه هنالك، ثم فرغ من لعبه، ودعا به فنظر إليه، ثم أمر بدفنه وأمر لسعيد بخمسين ألف درهم ووُلِّي معونة البصرة.
وذكر عن بعض غلمان المستعين أنّ سعيدًا لما استقبله أنزله ووكّل به رجلًا من الأتراك يقتله، فسأله أن يمهله حتى يُصَلّيَ ركعتين؛ وكانت عليه جبة، فسأل سعيد التركيّ الموكل بقتله أن يطلبها منه قبل قتله، ففعل ذلك، فلما سجد في الركعة الثانية قتله واحتز رأسه، وأمر بدفنه، وخفيَ مكانه.
وقال محمد بن مروان بن أبي الجَنُوب بن مروان بن أبي حفصة في أمرِ المؤيّد ويمدح المعتزّ:
أَنتَ الذي يُمسكُ الدُّنيا إذا اضطرَبت ... يا مُمْسكَ الدّينِ والدّنيا إذا اضْطَرَبا
إنَّ الرَّعيّة - أَبْقَاكَ الإِله لَهَا - ... ترْجو بِعَدْلك أَن تبقى لها حِقَبَا
لَقَدْ عُنِيتَ بحربٍ غير هَيّنَة ... وكان عُودُك نَبْعًا لم يكن غرَبا
ما كنتَ أولَ رأسٍ خانهُ ذنَبٌ ... والرأسَ كنتَ وكان النَّاكثُ الذَّنَبَا
لَوْ كانَ تمَّ له ما كان دَبَّرَهُ ... لأصبحَ المُلكُ والإِسلامُ قد ذهَبا
أرَاد يُهلكُ دُنيانا ويُعْطِبُها ... وقَدْ أرادَ هَلَاكَ الدِّين والعَطَبْا
لمّا أراد وثُوبًا من سَفَاهتهِ ... أمسَى عليه إِمامُ الْعَدْلِ قد وَثَبَا
لَقَدْ رَمَاكَ بسهْمٍ لم يُصِبْكَ به ... ومنْ رَمَاك عليه سهمهُ انقلبا
لَقَدْ رَعَيْتَ له ما كان من سببٍ ... فَمَا رَعَى لكَ إِحسانًا ولا سَببَا
كحُسْنِ فعلِك لم يفعلْ أَخٌ بأَخٍ ... كُنَّا لِذَاك شهودًا لم نكن غيبَا
قَدْ كُنتَ مشتغلًا بالحرب ذا تَعبٍ ... وكانَ يَلْعبُ ما كلّفتهُ تَعبا
قَدْ كان يَا ذَا النَّدَى يُعْطَى بلا طلبٍ ... وكنتَ يا ذَا الندَى تعطيهِ ما طلبا
وكنتَ أكثرَ بِرًّا من أَبيه به ... ولم تكن بأخٍ في البِرّ كنتَ أَبا