للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واسم أبيه، وعلّقها في رأس مُرْديّ وخرج في السحر من ليلة السبت لليلتين بقيتا من شهر رمضان (١).

فلما صار إلى مؤخّر القصر الذي كان فيه، لقيه غلمان رجل من الشورجيين يعرف بالعطار، متوجّهين إلى أعمالهم، فأمر بأخذهم فأخذوا، وكُتف وكيلهم، وأخِذ معهم، وكانوا خمسين غلامًا، ثم صار إلى الموضع الذي يعمل فيه السنّائيّ، فأخذ منه خمسمئة غلام، فيهم المعروف بأبي حُدَيد، وأمر بوكيلهم فأخذ معهم مكتوفًا، وكانوا في نهر يعرف بنهر المكاثر، ثم مضى إلى موضع السيرافيّ، فأخذ منه خمسين ومئة غلام، فيهم زُرَيق وأبو الخنجر. ثم صار إلى موضع ابن عطاء، فأخذ طريقًا وصبيحًا الأعسر وراشدًا المغربيّ وراشدًا القرماطيّ، وأخذ معهم ثمانين غلامًا، ثم أتى موضع إسماعيل المعروف بغلام سَهْل الطحان، ثم لم يزل يفعل ذلك كذلك في يومه، حتى اجتمع إليه بشر كثير من غلمان الشورجيّين، ثم جمعهم وقام فيهم خطيبًا، فمنَّاهم ووعدَهم أن يقودهم ويرأسهم، ويملّكهم الأموال، وحلف لهم الأيمان الغِلاظ ألا يغدر بهم، ولا يخذَلهم، ولا يدع شيئًا من الإحسان إلا أتى إليهم، ثم دعا مواليَهم، فقال: قد أردت ضرب أعناقكم لِمَا كنتم تأتون إلى هؤلاء الغلمان الذين استضعفتموهم وقهرتموهم، وفعلتم بهم ما حرّم الله عليكم أن تفعلوه بهم، وجعلتم عليهم ما لا يُطيقون، فكلمني أصحابي فيكم، فرأيت إطلاقكم، فقالوا: إنّ هؤلاء الغلمان أُبّاق، وهم يهرُبون منك فلا يُبقون عليك ولا علينا، فخذ منا مالًا وأطلقهم لنا، فأمر غلمانهم فأحضَروا شَطْبًا ثم بَطَح كلُّ قوم مولاهم ووكيلهم، فضرب كلّ رجل منهم خمسمئة شَطْبة، وأحلفهم بطلاق نسائهم ألا يُعلموا أحدًا بموضعه، ولا بعدد أصحابه، وأطلقهم، فمضوْا نحو البصرة (٢).

ومضى رجل منهم يقال له: عبد الله، ويعرف بكَرِيخَا، حتى عَبَر دُجَيْلًا، فأنذر الشورجيّين ليحرِزوا غلمانهم، وكان هناك خمسة عشر ألف غلام.

ثم سار بعدما صلّى العصر حتى وافى دُجَيلا، فوجد سفن سَمَاد تدخل في


(١) انظر المنتظم (٩/ ٨٦).
(٢) انظر المنتظم (٩/ ٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>