للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٦٦ - حدثنا ابنُ حميد، قال: حدَّثنا سلَمة، قال: وحدّثني محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة، أن أوّل فارسٍ لحِقَ بالقوم مُحرز بن نَضْلة، أخو بني أسد بن خزيمة - ويقال لمحرز: الأخْرَم، ويقال له: قمير - وأنَّ الفزع لما كان، جال فرسٌ لمحمود بن مسلمة في الحائط حين سمع صاهلة الخيل، وكان فرسًا صَنِيعًا جامًّا، فقال نساءٌ من نساء بني عبد الأشهل حين رأين الفرس يجول في الحائط بجذْع من نخل هو مربوط به: يا قُمَير، هل لك في أن تركبَ هذا الفرس - فإنَّه كما ترى - ثمّ تلحق برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبالمسلمين! قال:


= قال: يا ثكلته أمه! أكوعه بكرة. قال: قلت: نعم يا عدو نفسه! أكوعك بكرة. قال: وأردوا فرسين على ثنية. قال: فجئت بهما أسوقهما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقال: ولحقني عامر بسطيحة فيها مذقة من لبن وسطيحة فيها ماء، فتوضأت وشربت.
ثم أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على الماء الذي حلأتهم عنه فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أخذ تلك الإبل، وكل شيء استنقذته من المشركين، وكل رمح وبردة، وإذا بلال نحر ناقة من الإبل الذي استنقذت من القوم وإذا هو يشوي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كبدها وسنامها قال: قلت: يا رسول الله! خلني فأنتخب من القوم مئة رجل فاتبع القوم، فلا يبقى منهم مخبر إلَّا قتلته.
قال: فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه في ضوء النار فقال: (يا سلمة أتراك كنت فاعلًا؟ ) قلت: نعم. والذي أكرمك! فقال: (إنهم الآن ليقرون في أرض غطفان) قال: فجاء رجل من غطفان فقال: نحر فلان جزورًا فلما كشفوا جلدها رأوا غبارًا. فقالوا: أتاكم القوم. فخرجوا هاربين فلما أصبحنا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (كان خير فرساننا اليوم أبو قتادة، وخبر رجالتنا سلمة).
قال: ثم أعطاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سهمين، سهم الفارس وسهم الراجل فجمعهما لي جميعًا ثم أردفني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وراءه على العضباء راجعين إلى المدينة.
قال: فبينما نحن نسير قال: وكان رجل من الأنصار لا يسبق شدًا. قال: فجعل يقول: ألا مسابق إلى المدينة؟ هل من مسابق؟ فجعل يعيد ذلك قال: فلما سمعت كلامه قلت: أما تكرم كريمًا ولا تهاب شريفًا؟ قال: لا. إلَّا أن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال: قلت: يا رسول الله بأبي وأمي! ذرني فلأسابق الرجل. قال: (إن شئت) قال: قلت: أذهب إليك. وثنيت رجلي فطفرت فعدوت. قال: فربطت عليه شرفًا أو شرفين أستبقي نفسي، ثم عدوت في إثره، فربطت عليه شرفًا أو شرفين، ثم إني رفعت حتى ألحقه، قال: فأصكه بين كتفيه. قال: قلت: قد سبقت والله! قال: أنا أظن. قال فسبقته إلى المدينة.
(صحيح مسلم / الجهاد -باب غزوة ذي قرد / ح ١٨٠٧).
والحديث أخرجه البيهقي في الدلائل (٤/ ١٨٢) وابن سعد في طبقاته الكبرى (٢/ ٨٢) وغيرهم والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>