وقال الحافظ ابن كثير في التفسير (٤/ ٣٧٢) وذكر عكرمة وابن زيد وغيرهما (أن الناس لما قفلوا راجعين إلى المدينة وقف عبد الله بن عبد الله هذا على باب المدينة واستل سيفه فجعل الناس يمرون عليه فلما جاء أبوه عبد الله بن أبي قال له ابنه: وراءك فقال: ما لك ويلك؟ فقال: والله لا تجوز من هاهنا حتى يأذن لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه العزيز وأنت الذليل ... إلخ الحديث). وفي رواية للبزار أن عبد الله استأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قتل أبيه فقال - صلى الله عليه وسلم -: لا ولكن بر أباك وأحسن صحبته (المجمع ٩/ ٣٨١) وقال: رجاله ثقات. والله أعلم. وأما تذكير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمر بطلبه رضي الله عنه أن يضرب عنق عبد الله بن أبي فقد أخرج الحافظ ابن كثير من طريق ابن أبي حاتم أن عمرو بن ثابت الأنصاري وعروة بن الزبير قالا ... وفي آخر الرواية: (فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة أرسل إلى عمر فدعاه فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أي عمر أكنت قاتله لو أمرتك بقتله؟ قال عمر: نعم. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: والله لو قتلته يومئذ لأرغمت أنوف رجال لو أمرتهم اليوم بقتله لقتلوه فيتحدث الناس أني قد وقعت على أصحابي فأقتلهم صبرًا)، وأنزل الله عزَّ وجلَّ {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا} - إلى قوله تعالى {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ}. قال الحافظ ابن كثير معقبًا: (وهذا سياق غريب وفيه أشياء نفيسة لا توجد إلَّا فيه). (التفسير ٤/ ٣٧٢) والله أعلم. وأخرج البخاري (٤/ ١٤٦ / ٤٩٠٥) ومسلم (٨/ ١٩ / ح ٢٥٨٤). عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: كنا في غزاة فكسع رجل من المهاجرين رجلًا من الأنصار فقال الأنصاري: ياللأنصار وقال المهاجري: يا للمهاجرين فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ما بال دعوى جاهلية؟ قالوا: يا رسول الله كسع رجل من المهاجرين رجلًا من الأنصار. فقال: دعوها فإنها منتنة، فسمع بذلك عبد الله بن أبي فقال: فعلوها؟ أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. فبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقام عمر فقال: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: دعه لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه ... الحديث (صحيح البخاري / ح ٤٩٠٥) ومسلم (ح ٢٥٨٤).