إلا كَلَا ولا، حتى هزِم الحسن بن زيد، ومضى نحو الشِّرِّز وأرض الديلم، ودخل يعقوب سارية، ثم تقدّم منها إلى آمُل، فجبى أهلَها خراج سنة، ثم شخص من آمُل نحو الشِّرّز في طلب الحسن بن زيد حتى صار إلى بعض جبال طَبَرِستان، فأدركتْه فيه الأمطار، وتتابعت عليه - فيما ذكر لي - نحوًا من أربعين يومًا، فلم يتخلّص مِن موضعه ذلك إلا بمشقة شديدة، وكان - فيما قيل لي - قد صعد جبلًا، لمّا رام النزول عنه لم يمكنه ذلك إلا محمولًا على ظهور الرجال، وهلك عامّة ما كان معه من الظهر.
ثم رام الدخول خلْف الحسن بن زيد إلى الشَّرز؛ فحدثني بعض أهل تلك الناحية: أنه انتهى إلى الطريق الذي أراد سلوكَه إليه، فوقف عليه، وأمر أصحابه بالوقوف، ثم تقدّم أمامهم يتأمّل الطريق، ثم رجع إلى أصحابه، فأمرهم بالانصراف، وقال لهم: إن لم يكن إليه طريق غير هذا فلا طريق إليه.
فأخبرني الذي ذكر لي ذلك: أن نساء أهل تلك الناحية قلن لرجالهنّ: دعُوه يدخل هذا الطريق؛ فإنه إنْ دخل كفيناكم أمرَه، وعلينا أخذُه وأسره لكم، فلما انصرف راجعًا، وشخص عن حدود طَبَرِستان، عرض رجالَه، ففقد منهم - فيما قيل لي - أربعين ألفًا، وانصرف عنها، وقد ذهب معظم ما كان معه من الخيل والإبل والأثقال.
وذُكر: أنه كتب إلى السلطان كتابًا يذكر فيه مسيرَه إلى الحسن بن زيد، وأنه سار من جُرجان، إلى طَمِيسِ، فافتتحها، ثم سار إلى سارية وقد أخرب الحسن بن زيد القناطر، ورفع المعابر، وعوَّر الطريق، وعسكر الحسن بن زيد على باب سارية متحصِّنًا بأودية عظام، وقد مالأه خُرْشاد بن جِيلاو، صاحب الدَّيْلم، فزحف باقتدار فيمن جمع إليه من الطبرية والديالمة والخراسانية والقُمّية والجبلية والشأمية والجزُريّة، فهزمتُه وقتلتُ عدّة لم يبلغها بعهدي عدّة، وأسرتُ سبعين من الطالبيّين؛ وذلك في رجب، وسار الحسن بن زيد إلى الشِّرّز ومعه الديلم.
* * *
وفي هذه السنة اشتدّ الغلاء في عامّة بلاد الإسلام، فانجلى - فيما ذكر - عن