إلى خارج المدينة، وهذا يعني أن آلاف الجثث قد تركت في الطرقات والأزقة ولو كان ذلك صحيحًا لتفسخت الجثث وتفشت الأمراض وهلك البلاد والعباد وكل ذلك لم يحصل وذلك دليل آخر على كذب تلك المبالغات.
ومثال آخر فيما يتعلق بأمير العراق القسري الذي ولاه هشام بن عبد الملك العراق فالمصادر التأريخية تشير إلى تملكه لبساتين وغلال وأموال ولعلها كانت سببًا لعزله من قبل أمير المؤمنين هشام بن عبد الملك ولكن الروايات الضعيفة جدًّا تصور بذخه فوق الخيال حتى أنها تقول بأنه أهدى أحد المقربين إليه ألف جارية وما أشبه ذلك فماذا يفعل هذا المهدي إليه بهذا الجيش الجرار من الجواري ومن أين للقسري بهذا العدد وهو القائد المنشغل بضبط أمور العراق المتأجج حركة وخروجًا ثم لو كان كذلك لذاع الخبر في الآفاق ولسجلته معظم المصادر التأريخية الموثوقة وبالأسانيد المعتبرة ولكن كل ذلك لم يحصل.
ثامنًا: إن غلاة المبتدعة الذين أرادوا أن يصوروا كل خليفة أمويًا كان أو عباسيًا عدوًا لآل البيت- وقعوا في تناقض عجيب فهم من جانب يصورون عداء الخليفة لآل علي مثلًا بينما يصفون آل علي بحب الدنيا والطمع والمنافسة فيما بينهم على المال وسب بعضهم البعض والرضا إذا أدى الخليفة إليهم أعطياتهم والخروج بالسيف إذا منعوا المال أو سئلوا عنه -أي أنهم لم يراعوا للخليفة حرمة ولا لآل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرمة.
ولقد التقيتا بعدد من أساتذة التأربخ الإسلامي وشيوخ الحديث وغيرهم من علماء المسلمين وناقشنا معهم هذا المنهج في تخريج روايات الطبري (كالأستاذ أكرم ضياء العمري والأستاذ عماد الدين خليل والأستاذ يحيى إبراهيم اليحيى وغيرهم).
وأفادونا كثيرًا بآرائهم وملاحظاتهم القيّمة ولقد استعنّا بخبراتهم القيّمة التي أودعوها كتبهم ولقد أشرنا إلى جهودهم تلك في مَواضعها ولقد ترك شيوخنا وأساتذتنا بصماتهم على صفحات هذا المشروع العلمي وسنذكرهم بأسمائهم إن شاء الله في نهاية المجلد الأخير وجزاهم الله عنا وعن المسلمين والتأريخ الإسلامي خير الجزاء وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.