حدَّثنا ابنُ حميد، قال: حدَّثنا سلَمة، قال: حدّثني محمد بن إسحاق، قال: حدّثني يحيى بن عبَّاد بن عبد الله بن الزُّبَيْر، عن أبيه، عن عائشة، قال: وحدّثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاريّ، عن عمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة، قال: وكلّ قد اجتمعَ حديثه في خبر قصّة عائشة عن نفسها حين قال أهل الإفك فيها ما قالوا: فكلٌّ قد دخل في حديثها عن هؤلاء جميعًا، ويحدّث بعضُهم ما لم يحدّث بعضٌ، وكلّ كان عنها ثقة، وكلٌّ قد حدّث عنها بما سمع.
قالت عائشة: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد سفرًا أقْرَعَ بين نسائه، فأيّتهنُ خرج سهمُها خرج بها معه؛ فلمَّا كانت غزوة بني المصطلق، أقرع بين نسائه كما كان يصنع؛ فخرج سهمي عليهنّ، فخرج بي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، قالت: وكان النساء إذ ذاك إنَّما يأكلن العُلَق لم يُهيّجهنّ اللَّحم فيثْقُلْنَ. قالت: وكنت إذا رُحِلَ لي بعيري جلستُ في هودجي، ثمَّ يأتي القوم الذين يرحلون لي، ويحملونني فيأخذون بأسفل الهودج، فيرفعونه فيضعونه على ظهر البعير، فيشدّونه بحباله، ثم يأخذون برأس البعير، فينطلقون به. قالت: فلما فرغ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من سفره ذلك، وجَّه قافلًا، حتى إذا كان قريبًا من المدينة نزل منزلًا، فبات فيه بعضَ الليل، ثم أذَّنَ في النَّاس بالرحيل، فلمَّا ارتحل النَّاس خرجتُ لبعض حاجتي وفي عنقي عقْدٌ لي فيه جَزْعُ ظَفار، فلمَّا فرغتُ انسلّ من عنقي ولا أدري؛ فلمَّا رجعتُ إلى الرَّحْل ذهبتُ ألتمسه في عنقي فلم أجده، وقد أخذ النَّاس في الرحيل. قالت: فرَجعْتُ عَوْدِي على بدئي إلى المكان الذي ذهبت إليه؛ فالتمسته حتى وجدته، وجاء خلافي القوم الذين كانوا يرحِّلون لي البعير، وقد فرغوا من رحلته، فأخذوا الهودج، وهم يظنون أنِّي فيه كما كنت أصنع، فاحتملوه، فشدّوه على البعير، ولم يشكّوا أنّي فيه، ثم أخذوا برأس البعير فانطلقوا به، ورجعت إلى العسكر وما فيه داع ولا مجيب، قد انطلق الناس، قالت: فتلفَّفت بجلبابي ثمّ اضطجعت في مكاني الذي ذهبت إليه؛ وعرفت أنْ لو قد افتقدوني قد رجحوا إليَّ. قالت: فوالله إنِّي لمضطجعة، إذ مرّ بي صفوان بن المُعَطَّل السُلَمى، وقد كان تخلَّف عن العسكر لبعض حاجته، فلم يبتْ مع النَّاس في العسكر؛ فلمَّا رأى سوادِي أقبل حتى وقف عليّ فعرَفني - وقد كان يراني قبل أن