عنه ثياب السَّفَر؛ حتى واقع عليّ بن أبان وأصحابه؛ فكانت الدَّبَرَة على الزَّنج، فقتِلوا وهُزِموا وتفرّقوا، وانصرف عليّ فيمن بقي معه مفلولًا مدحورًا، وهذه وقعة باب كُودَك المشهورة.
ورجع تكين البخاريّ، فنزل تُسْتَر، وانضمّ إليه جمعٌ كثير من الصعاليك وغيرهم، ورحل إليه عليّ بن أبان في جمع كثير من أصحابه، فنزل شرقيّ المسرُقان، وجعل أخاه في الجانب الغربيّ في جماعة من الخيل، وجعل رجّالة الزّنج معه، وقدم جماعة من قواد الزَّنج؛ منهم أنكلويه وحسين المعروف بالحماميّ وجماعة غيرهما، فأمرهم بالمقام بقنطرة فارس.
وانتهى الخبر بما دبره عليّ بن أبان إلى تكين، وكان الذي نقل إليه الخبر غلامًا يقال له وصيف الروميّ، وهرب إليه من عسكر عليّ بن أبان، فأخبره بمقام هؤلاء القوم بقنطرة فارس، وأعلمه تشاغُلَهم بشرب النبيذ وتفرّق أصحابهم في جمع الطعام، فسار إليهم تكين في الليل في جمع من أصحابه، فأوقع بهم؛ فقتل من قوّاد الزّنج أنكلويه، والحسين المعروف بالحمّاميّ ومفرّج المكنى أبا صالح وأندرون، وانهزم الباقون، فلحقوا بالخليل بن أبان، فأعلموه ما نزل بهم؛ وسار تكين على شرقيّ المسرُقان حتى لقيَ عليّ بن أبان في جمعه، فلم يقف له عليّ وانهزم عنه، وأسِر غلام لعليّ من الخيالة يعرف بَجَعْفُرَويْه، ورجع عليّ والخليل في جمعهما إلى الأهواز، ورجع تكين إلى تُسْتَر، وكتب عليُّ بن أبان إلى تكين يسأله الكفَّ عن قتل جعفرويه، فحبسه، وجرت بين تكين وعليّ بن أبان مراسلات وملاطفات، وانتهى الخبر بها إلى مسرور، فأنكرها، وانتهى إلى مسرور أنّ تكين قد ساءت طاعته، وركن إلى عليّ بن أبان ومايله.
قال محمد بن الحسن: فحدّثني محمد بن دينار، قال: حدّثني محمد بن عبد الله بن الحسن بن عليّ المأمونيّ الباذغيسيّ - وكان من أصحاب تكين البخاريّ - قال: لمّا انتهى إلى مسرور الخبر بالتياث تكين عليه توقّف حتى عرف صحة أمره، ثم سار يريد كُور الأهواز وهو مظهرٌ الرضا عن تكين والإحماد لأمره، فجعل طريقه على شابَرْزان، ثم سار منها حتى وافَى السوس، وتكين قد عرف ما انتهى إلى مسرور من خبرِه، فهو مستوحش من ذلك ومن جماعة كانت تبعته عند مسرور من قوّاده، فجرت بين مسرور وتكين رسائل حتى أمنَ تكين،