للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبجُبَّى والأهواز ونواحيها يومئذ من أصناف الحبوب والتمر والمواشي شيء عظيم، فخرجوا عن ذلك كله.

وكتب أيضًا الفاسق إلى بَهْبوذ بن عبد الوهاب، وإليه يومئذ عمل الفَنْدم والباسيَان، وما اتّصل بهما من القُرى التي بين الأهواز وفارس، وهو مقيم بالفَنْدم، يأمره بالقدوم عليه، فترك بَهْبوذ ما كان قِبَله من الطعام والتمر - وكان ذلك شيئًا عظيمًا - فحوى جميع ذلك أبو أحمد، فكان ذلك قوةً له على الفاسق، وضعفًا للفاسق.

ولَمّا فصل المهلبيّ عن الأهواز تفرّق أصحابُه في القرى التي بينها وبين عسكر الخبيث فانتهجوها، وأجْلَوْا عنها أهلَها، وكانوا في سلْمهم، وتخلّف خلْق كثير ممّن كان مع المهلبيّ من الفرسان والرجّالة عن اللحاق به، فأقاموا بنواحي الأهواز، وكتبوا يسألون أبا أحمد الأمان لما انتهى إليهم من عفوه عمّن ظفر به من أصحاب الخبيث بطهِيثا، ولحق المهلبيّ ومَنْ اتّبعه من أصحابه بنهر أبي الخصيب.

وكان الذي دعا الفاسق إلى أمر المهلبيّ وبهبوذ بسرعة المصير إليه خوفُه موافاة أبي أحمد وأصحابه إياه على الحال التي كانوا عليها من الوَجَل وشدّة الرّعب مع انقطاع المهلبيّ وبهبوذ فيمن كان معهما عنه، ولم يكن الأمر كما قدّر.

وأقام أبو أحمد حتى أحرز ما كان المهلبيّ وبهبوذ خلّفاه، وفُتِحت السكور التي كان الخبيث أحدثها في دِجْلة، وأصلِحت له طرقه ومسالكه ورحل أبو أحمد عن السوس إلى جنديسابور، فأقام بها ثلاثًا؛ وقد كانت الأعلاف ضاقت على أهل العسكر، فوجّه في طلبها، وحملها ورحل عن جند يسابور إلى تُسْتَر، وأمر بجباية الأموال من كُور الأهواز، وأنفذ إلى كلّ كورة قائدًا ليرُوج بذلك حمل الأموال، ووجّه أحمد بن أبي الأصبغ إلى محمد بن عبيد الله الكرديّ، وقد كان خائفًا أن يأتيَه صاحب الفاسق قبل موافاة أبي أحمد كور الأهواز، وأمره بإيناسه وإعلامه ما عليه رأيُه من العفو عنه، والتغمّد لزلته، وأن يتقدّم إليه في تعجيل حمل الأموال والمسير إلى سوق الأهواز، وأمر مسرورًا البلخيّ عامله بالأهواز بإحضار مَنْ معه من الموالي والغلمان والجند ليعرضهم، ويأمرَ بإعطائهم الأرزاق، وينهضهم معه لحرب الخبيث. فأحضرهم، وعُرضوا رجلًا رجلًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>