للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه، وقد كان من مع المعتمد من القوّاد حذّروا المعتمد المرورَ به، وخوّفوه وثوبه بهم؛ فأبى إلّا المرورَ به - فيما ذكر - وقال لهم: إنما هو مولاي وغلامي، وأريد أن أتصيّد؛ فإنّ في الطريق إليه صيدًا كثيرًا، فلما صاروا في عمله، لقيَهم وسار معهم كي يردَ المعتمد - فيما ذكر - منزلًا قبل وصوله إلى عمل ابن طولون، فلمّا أصبح ارتحل التبّاع والغلمان الذين كانوا مع المعتمد ومن شخص معه من سامُرّا، وخلا ابن كنداج بالقُوّاد الذين مع المعتمد، فقال لهم: إنكم قد قربتم من عمل ابن طولون والمقيم بالرّقة من قوّاده؛ وأنتم إذا صرتم إلى ابن طولون؛ فالأمر أمرُه، وأنتم من تحت يده ومن جنده؛ أفترضوْن بذلك؛ وقد علمتم أنه إنما هو كواحد منكم! وجرت بينه وبينهم في ذلك مناظرة حتى تعالىَ النهار، ولم يرتحل المعتمد بعدُ لاشتغال القوّاد بالمناظرة بينهم بين يديه، ولم يجتمع رأيهم بعدُ على شيء، فقال لهم ابن كنداج: قوموا بنا حتى نتناظر في هذا في غير هذا الموضع، وأكرَموا مجلس أمير المؤمنين عن ارتفاع الصوت فيه، فأخذ بأيديهم، وأخرجهم من مضرب المعتمِد فأدخلهم مضرب نفسه؛ لأنه لم يكن بقيَ مضرب إلّا قد مضى به غير مضربه؛ لما كان من تقدّمه إلى فرَّاشيه وغلمانه وحاشيته وأصحابه في ذلك اليوم ألّا تبرحوا إلّا ببراحه، فلما صاروا إلى مضربه دخل عليه وعلى مَنْ معه من القواد جِلّةُ غلمانه وأصحابه، وأحضرت القيود وشدّ غلمانه على كلّ مَنْ كان شخص مع المعتمد من سامُرّا من القوّاد، فقيَّدوهم؛ فلما قيّدوا وفرغ من أمرهم مضى إلى المعتمِد، فعذلَه في شخوصه عن دار ملكه وملك آبائه وفراقه أخاه على الحال التي هو بها من حرب مَنْ يحاول قتلَه وقتل أهل بيته وزوال ملكهم، ثم حمله والذين كانوا معه في قيودهم حتى وافى بهم سامرّا (١).

* * *

وفيها قام رافع بن هرثمة بما كان الخُجُسْتَانيّ غلب عليه من كُور خراسان وقراها؛ وكان رافع بن هَرْثمة قد اجتبَى عِدّةً من كور خراسان خراجها سلفًا لبضع عشرة سنة، فأفقر أهلها وخرّبها.

وفيها كانت وقعة بين الحُسَيْنِيْين والحسنِيّين والجعفريِّين، فقتِل من


(١) انظر البداية والنهاية (٨/ ٢٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>