وإطلاقه أخاه من السجن؛ وكان أسيرًا عنده، وذلك في المحرّم من هذه السنة: ثم خرج الطائيّ إلى سامرّا، وأرسل صِدّيقًا ووعده ومنَّاه وأمّنه، فعزم على الدخول إليه في الأمان، فحذّره ذلك غلامٌ له يقال له: هاشم، وكان - فيما ذكر - شجاعًا، فلم يقبل منه، ودخل سامرّا مع أصحابه، وصار إلى الطائيّ، فأخذه الطائيّ، ومَنْ دخل معه منهم، فقطع يد صدّيق ورجله ويد هاشم ورجله وأيدي جماعة من أصحابه وأرجلهم وحبسهم، ثم حملهم في محامل إلى مدينة السَّلام، وقد أبرِزَتْ أيديهم وأرجلهم المقطعة ليراها الناس، ثم حبُسِوا.
وفيها غزا يازمان في البحر، فأخذ للروم أربعة مراكب (١).
وفيها تَصَعْلك فارس العبديّ، فعاث بناحية سامُرّا، وصار إلى كوخها، فانتهب دور آل حَسَنج، فشخص الطائيّ إليه، فلحقه بالحديثة، فاقتتلا، فهزمه الطائيّ وأخذ سواده، وصار الطائيّ إلى دِجْلة، فدخل طيّارة ليعجرها، فأدركه أصحاب العبديّ فتعلقوا بكوثل الطيّارة، فرمى الطائيّ بنفسه في دِجْلة، فعبرها سباحة، فلما خرج منها نفض لحيته من الماء، وقال: أيشٍ ظنُّ العبديّ؟ أليس أنا أسبح من سمكة! ثم نزل الطائيّ الجانب الشرقيّ والعبديّ بإزائه في الجانب الغربيّ، وفي انصراف الطائيّ قال عليّ بن محمد بن منصور بن نصر بن بَسام:
قد أَقبلَ الطائيّ، لا أَقبلا ... قَبَّحَ في الأَفعال ما أجمَلا
كأَنَّه من لِينِ أَلفاظِه ... صبيّةٌ تَمْضَغُ جَهْدَ البَلا
وفيها أمر أبو أحمد بتقييد الطائيّ وحبسه، ففُعل ذلك لأربعَ عشرةَ خلت من شهر رمضان، وختم على كلّ شيء له، وكان يلي الكوفة وسوادَها وطريق خُراسان وسامُرّا والشرطة ببغداد، وخراج بادوريَا وقطْرُبُّل ومسكِن وشيئًا من ضياع الخاصّة.
وفيها حبس أبو أحمد ابنه أبا العباس، فشغب أصحابُه، وحملوا السلاح، وركب غلمانه، واضطربت بغداد لذلك، فركب أبو أحمد لذلك حتى بلغ باب الرُّصافة، وقال لأصحاب أبي العباس وغلمانه فيما ذكر: ما شأنكم؟ أتَروْنكم أشفقَ على ابني مني! هو ولدي، واحتجت إلى تقويمه، فانصرف الناس،