للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٨٥ - وحدّثنا ابنُ حميد، قال: حدَّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن الزهريّ؛ قال في حديثه: ثمَّ بعثوا إليه الحلَيس بن عَلْقَمة -أو ابن زَبَّان- وكان


=. . . ثمَّ رجع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، فجاءه أبو بصير رجل من قريش وهو مسلم (وقال يحيى عن ابن المبارك: فقدم عليه أبو بصير بن أسيد الثقفي مسلمًا مهاجرًا. فاستأجر الأخنس بن شريق رجلًا كافرًا من بني عامر بن لؤي ومعه مولى لهم، وكتب معهما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسأله الوفاء) فأرسلوا في طلبه رجلين فقالوا: العهد الذي جعلت لنا، فدفعه إلى الرجلين.
فخرجا به حتى بلغا به ذا الحليفة، فنزلوا يأكلون من تمر لهم، فقال أبو بصير لأحد
الرجلين: والله إني لأرى سيفك يا فلان هذا جيدًا. فاستله الآخر فقال: أجل والله إنه لجيد
لقد جربت به، ثمَّ جربت. فقال أبو بصير: أرني أنظر إليه فأمكنه منه، فضربه به حتى برد.
وفر الآخر حتى أتى المدينة فدخل المسجد يعدو فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لقد رآى هذا ذعرًا).
فلما انتهى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قتل والله صاحبي وإني لمقتول، فجاء أبو بصير فقال: يا نبي الله قد والله أوفى الله ذمتك قد رددتني إليهم، ثمَّ أنجاني الله منهم فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ويل أمه مسعر حرب لو كان له أحد) فلما سمع ذلك عرف أنَّه سيرده إليهم، فخرج حتى أتى سيف البحر. قال: وينفلت منهم أبو جندل بن سهيل فلحق بأبي بصير، فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير حتى اجتمعت فيهم عصابة.
قال: فوالله ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوهم وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريش إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - تناشده الله والرحم لما أرسل إليهم فمن أتاه فهو آمن فأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم. فأنزل الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيهِمْ} حتى بلغ {الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ}.
وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنَّه نبي الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يقروا ببسم الله الرحمن الرحيم، وحالوا بينهم وبين البيت.
وأخرج البخاري في صحيحه كتاب المغازي (غزوة الحديبية) عن المسور بن مخرمة - رضي الله عنهما - قال: (خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية في بضع عشرة مئة من أصحابه فلما أتى ذا الحليفة قلّد الهدي وأشعره وأحرم منها بعمرة وبعث عينًا له من خزاعة، وسار النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى كان بغدير الأشطاط أتاه عينه قال: إن قريشًا جمعوا لك جموعًا، وقد جمعوا لك الأحابيش وهم مقاتلوك وصادّوك عن البيت ومانعوك.
قال: أشيروا أيها الناس عليّ أترون أن أميل إلى عيالهم وذراري هؤلاء الذين يريدون أن يصدونا عن البيت فإن يأتونا كان الله عَزَّ وَجَلَّ قد قطع عينًا من المشركين وإلا تركناهم محروبين.
قال أبو بكر: يا رسول الله خرجت عامدًا لهذا البيت لا تريد قتل أحد، فتوجه له فمن صدنا عنه قاتلناه. قال: امضوا على اسم الله). أهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>