للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكتموه أمرَه، فأراد أن يُوقع بهم، وأعلمهم أنّ المعتضد في أثره؛ فأعلموه: أنه اجتاز بهم، فأخذ بعض دوابهم، وترك دوابه عندهم - وكانت قد كلَّت وأعيت - واتّبع أثره، فلحقه بعد أيام والشاري في نحو من مئة، فناشده الشاري، وتوعّده، فأبى إلّا محاربته فحاربه؛ فذُكر أن حسين بن حمدان رمى بنفسه عليه، فابتدره أصحاب حسين فأخذوه، وجاء به إلى المعتضد سلمًا بغير عَقْد ولا عهْد، فأمر المعتضد بحلّ قيود حمدان بن حمدون، والتوسعة عليه والإِحسان إليه أن يقدم فيطلقه ويخلع عليه؛ فلما أسر الشاري وصار في يد المعتضد، انصرف راجعًا إلى مدينة السلام، فوافاها لثمان بقين من شهر ربيع الأول، فنزل بباب الشماسيّة، وعبّأ الجيش هنالك، وخلع المعتضد على الحسين بن حمدان، وطوّقه بطَوْق من ذهب، وخلع على جماعة من رؤساء أهله، وزيِّن الفيل بثياب الدِّيباج، واتُّخذ للشاريّ على الفيل كالمحفّة، وأقعِد فيها، وألبِس درّاعة ديباج، وجَعل على رأسه برنس حرير طويل.

* * *

ولعشر بقين من جمادى الأولى منها، أمر المعتضد بالكتاب إلى جميع النواحي بردّ الفاضل من سهام المواريث على ذوي الأرحام، وإبطال ديوان المواريث، وصرف عمّالها، فنفذت الكتب بذلك، وقرئت على المنابر (١).

وفيها خرج عمرو بن الليث الصفار من نيسابور، فخالفه رافع بن هرثمة إليها، فدخلها وخطِب بها لمحمد بن زيد الطالبيّ وأبيه، فقال: اللهمّ أصلح الداعي إلى الحق، فرجع عمرو إلى نيسابور، فعسكر خارج المدينة، وخندق على عسكره لعشر خلوْن من شهر ربيع الآخر، فأقام محاصِرًا أهل نيسابور.

وفي يوم الإثنين لأربع خَلوْن من جمادى الآخرة منها، وافى بغداد محمد بن إسحاق بن كنداجيق وخاقان المفلحيّ ومحمد بن كُمُشْجُور المعروف ببندُقة وبدر بن جُفّ أخو طغج وابن حَسَنج في جماعة من القواد من مصر في الأمان (٢).


(١) انظر المنتظم (١٢/ ٣٥٩) فقد ذكر ابن الجوزي الخبر وزاد عليه مبينًا العلة في ذلك وهذا يعني أن ابن الجوزي لم يتقيّد بتاريخ الطبري كمصدر رئيس وهذه ليست المرة الأولى.
(٢) انظر المنتظم (١٢/ ٣٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>