للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فجعلته ضِغْثًا في يدي، ثمَّ قلت: والذي كرّم وجهَ محمَّد - صلى الله عليه وسلم -؛ لا يرفعُ أحدٌ منكم رأسه إلَّا ضربت الذي فيه عيناه. قال: فجئت بهم أقودهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وجاءَ عَمّي عامر برجل من العَبَلاتِ، يقال له مكرز؛ يقوده مجفّفًا، حتى وقفنا بهم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سبعين من المشركين، فنظر إليهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: دعوهم يكن لهم بَدْء الفجور، فعفا عنهم. قال: فأنزل الله عزّ وجل: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ} (١). (٢: ٦٢٩/ ٦٣٠).

١٨٨ - حدَّثنا بشر بن معاذ؛ قال: حدَّثنا يزيد بن زُرَيع، قال: حدَّثنا سعيد، عن قتادة، قال: ذُكِر لنا أنّ رجلًا مَن أصحابِ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يقال له زُنَيم، اطّلع الثنيّة من الحديبيَة، فرماه المشركون فقتلوه، فبعث رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - خيلًا، فأتوْه باثني عشر رجلًا فارسًا من الكفار، فقال لهم نبيّ الله - صلى الله عليه وسلم -: هل لكم عليّ عهد؟ هل لكم عليّ ذمة؟ قالوا: لا، قال: فأرسلهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فأنزل الله في ذلك القرآن: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ} - إلى قوله: {بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا} (٢). (٢: ٦٣٠).

١٨٩ - وأمَّا ابنُ إسحاق، فإنَّه ذكر أن قريشًا إنما بعثتْ سهيل بن عمرو بعد رسالة كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسلها إليهم مع عثمان بن عفان.


(١) والحديث صحيح أخرجه البخاري في صحيحه:
أتيت شجرة فكسحت شوكها. واضطجعت في أصلها، فأتاني أربعة من أهل مكة من المشركين، فجعلوا يقعون في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأبغضتهم، فتحولت إلى شجرة أخرى، وعلقوا سلاحهم واضطجعوا فبينما هم كذلك: إذ نادى مناد من أسفل الوادي: يا للمهاجرين. قتل ابن زنيم قال: فاخترطت سيفي ثمَّ شددت على هؤلاء الأربعة، وهم رقود فأخذت سلاحهم فجعلته ضغثًا في يدي، قال: ثمَّ قلت: والذي كرم وجه محمَّد لا يرفع أحد منكم رأسه إلا ضربت الذي فيه عيناه. قال: ثمَّ جئت بهم أسوقهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
قال: وجاء عمي عامر برجل من العبلات يقال له مكرز يقوده إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فرس مجفف في سبعين من المشركين فنظر إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: (دعوهم يكن لهم بدء الفجور وثناه) فعفا عنهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنزل الله: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيهِمْ}.
(٢) هذا إسناد ضعيف ولكن له ما يؤيده من رواية سابقة (١٨٧) وما رواه البخاري في صحيحه عن قتل زنيم وسبب نزول الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>