للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فزرقه بالنار فأحرقه؛ وذلك في كبد الحرب وشدّتها، ثمَّ دارت على المصريّين الحرب، فانحازوا، فاجتمعت موالي بني العُليَص إلى بني العليص ومَنْ معهم من الأصبغيّين وغيرهم على نصب الحسين بن زكرويه أخي الملقب بالشيخ فنصبوا أخاه، وزعم لهم: أنَّه أحمد بن عبد الله بن محمَّد بن إسماعيل بن جعفر بن محمَّد، وهو ابن نيّف وعشرين سنة، وقد كان الملقّب بالشيخ حمل موالي بني العليص على صريحهم، فقتلوا جماعةً منهم، واستذلُّوهم، فبايعوا الحسين بن زكرويه المسمّى بأحمد بن عبد الله بن محمَّد بن إسماعيل بن جعفر بعد أخيه، فأظهر شامة في وجهه ذكر أنها آيته، وطرأ إليه ابن عمّه عيسى بن مِهْرويه المسمى عبد الله، وزعم: أنَّه عبد الله بن أحمد بن محمَّد بن إسماعيل بن جعفر بن محمَّد، فلقّبه المدثِّر، وعَهد إليه، وذكر أنَّه المعنيّ في السورة التي يذكر فيها المدَّثر ولقّب غلامًا من أهله المطوَّق وقلّده قتل أسرى المسلمين، وظهر على المصريّين وعلى جند حمص وغيرها من أهل الشام، وتسمَّى بإمرة المؤمنين على منابرها، وكان ذلك كله في سنة تسع وثمانين وفي سنة تسعين.

* * *

وفي اليوم التاسع من ذي الحجة من هذه السنة صلّى الناس العصر في قُمُص الصيف ببغداد، فهبّت ريح الشمال عند العصر، فبرد الهواء حتى احتاج الناس بها من شدّة البرد إلى الوقود والاصطلاء بالنّار، ولبس المحشوّ والجباب، وجعل البرد يزداد حتى جمد الماء (١).

وفيها كانت وقعة بين إسماعيل بن أحمد بالريّ ومحمد بن هارون وابن هارون - فيما قيل - حينئذ في نحو من ثمانية آلاف، فانهزم محمَّد بن هارون وتقدم أصحابَه، وتبعه من أصحابه نحو من ألف، ومضوْا نحو الدَّيلم، فدخلها مستجيرًا بها، ودخل إسماعيل بن أحمد الرّيّ، وصار زهاء ألف رجل - فيما ذكر - ممّن انهزم من أصحابه إلى باب السلطان.

وفي جمادى الآخرة منها لأربع خلوْن منها وليَ القاسم بن سيما غزو الصائفة بالثغور الجزَرية، وأطلِق له من المال اثنان وثلاثون ألف دينار.


(١) انظر المنتظم (١٣/ ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>