ما بين فارس وراجل، وقد شارف بلدنا، وأطلّ على ناحيتنا، وقد وجّه أحمد بن الوليد عبد أمير المؤمنين أطال الله بقاءه إلى جميع أصحابه، ووجّهت إلى جميع أصحابي، فجمعناهم إلينا، ووجّهنا العيون إلى ناحية عَرْقة لنعرف أخبار هذا الخائن، وأين يريد، فيكون قصدنا ذلك الوجه، ونرجو أن يُظفر الله به، ويمكّن منه بمنه وقدرته.
ولولا هذا الحادث، ونزول هذا المارق في هذه الناحية، وإشرافه على بلدنا لما تأخّرت في جماعة أصحابي عن النهوض إلى مدينة أفاميَة، لتكون يدي مع أيدي القوّاد المقيمين بها لمجاهدة مَنْ بتلك الناحية حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين، وأعلمت سيدي أمير المؤمنين أطال الله بقاءه السبب في تخلّفي عن مسرور بن أحمد، ليكونَ على علم منه، ثمَّ إن أمرني أدام الله عزه بالنفوذ إلى أفامية كان نفوذي برأيه، وامتثلتُ ما يأمرني به إن شاء الله، أتمّ الله على أمير المؤمنين نعمه وأدام عزّه وسلامته، وهنّأه كرامته، وألبسه عفوه وعافيته.
والسلام على أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته؛ والحمد لله ربّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّد النبي وعلى أهل بيته الطاهرين الأخيار.
وفيها وجّه القاسم بن عبيد الله الجيوشَ إلى صاحب الشامة، وولَّى حربه محمَّد بن سليمان الكاتب الذي كان إليه ديوان الجيش، وضمّ جميع القواد إليه، وأمرهم بالسمع له والطاعة، فنفذ من الرّقة في جيش كثيف، وكتب إلى مَنْ تقدمه من القوّاد بالسمع له والطاعة.
* * *
وفيها ورد رسولًا صاحب الروم؛ أحدهما خادم، والآخر فحل، يسأله الفِداء بمن في يده من المسلمين أسير، ومعهما هدايا من صاحب الروم وأسارى من المسلمين بعث بهم إليه، فأجابهما إلى ما سألا، وخلع عليهما.
وحجّ بالناس في هذه السنة الفضل بن عبد الملك بن عبد الله بن العباس بن محمَّد (١).