للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٩٣ - قال ابن إسحاق: قال الزهريّ: ثمَّ بعثتْ قريش سهيلَ بن عمرو، أخا بني عامر بن لؤيّ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ وقالوا له: أئت محمدًا فصالحْه، ولا يكن في صلْحه إلَّا أن يرجعَ عنّا عامه هذا، فوالله لا تحدّث العرب أنَّه دخل علينا عنوة أبدًا.

قال: فأقبل سُهيل بن عمرو، فلمّا رآه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مقبلًا، قال: قد أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل. فلمّا انتهَى سهيل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تكلَّم فأطال الكلام، وتراجعا، ثمَّ جرى بينهما الصلح، فلمّا التأم الأمر، ولم يبق إلا الكتاب وثب عمر بن الخطّاب، فأتى أبا بكر، فقال: يا أبا بكر، أليس برسول الله! قال: بلى، قال: أو لَسْنا بالمسلمين! قال: بلى، قال: أو ليسُوا بالمشركين! قال: بلى؛ قال: فَعَلامَ نُعْطي الدنيّةَ في ديننا! قال أبو بكر: يا عُمر الزَمْ غَرْزَه؛ فإني أشهد أنَّه رسول الله، قال عمر: وأنا أشهد أنَّه رسول الله. قال: ثمَّ أتى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، ألستَ برسول الله! قال: بلى، قال: أوَلَسْنَا بالمسلمينَ! قال: بلى، قال: أوليسوا بالمشركين! قال: بلى، قال: فعلامَ نعطي الدنيّة في ديننا! فقال: أنا عبد الله ورسوله لن أخالفَ أمرَه، ولن يُضيِّعَني. قال: فكان عمر يقول: ما زلت أصومُ وأتصدَّقُ وأصلِّي وأعتق من الذي صنعت يومئذ، مخافة كلامي الذي تكلّمت به؛ حتى رجوت أن يكون خيرًا (١). (٢: ٦٣٣/ ٦٣٤).

١٩٤ - حدَّثنا ابنُ حميد، قال: حدَّثنا سلَمة، عن محمَّد بن إسحاق، عن بُرَيدة بن سفيان بن فروة الأسلميّ، عن محمَّد بن كعب القرظيّ، عن علقمة بن قيس النخعيّ، عن عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه -، قال: ثمّ دعاني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم. فقال سُهَيل: لا أعرف هذا، ولكن اكتب: "باسمك اللهمّ" فقال رسول الله: اكتب "باسمك اللهمّ" فكتبتُها. ثمَّ قال: اكتب: "هذا ما صالح عليه محمَّد رسول الله سهيل بن عمرو"


= ٣/ ١٤٨٣) والله أعلم.
(١) سبق أن ذكرنا روايات البخاري ومسلم في الصلح الذي جرى بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وممثل قريش سهيل بن عمرو (البخاري / كتاب الشروط) ومسلم (كتاب الجهاد / باب صلح الحديبية).

<<  <  ج: ص:  >  >>