نفس من المسلمين كانوا أسرى في حِصْنه، وكان صاحب الرّوم قد وجّه إليه مَنْ يقبض عليه، فأعطى المسلمين الذين كانوا في حصنه أسرى السلاحَ، وأخرج معهم بعض بنيه، فكبسوا البِطْريق الموّجه إليه للقبض عليه ليلًا؛ فقتلوا ممّن معه خَلْقًا كثيرًا، وغنموا ما في عسكره، وكان رستم قد خرج في أهل الثغور في جمادى الأولى قاصدًا أندرونقس ليتخلّصه، فوافَى رستم قونية بعقب الوقْعة، وعلم البطارقة بمسير المسلمين إليهم فانصرفوا، ووجّه أندرونقس ابنه إلى رستم، ووجّه رستم كاتبه وجماعة من البحريين، فباتوا في الحصين، فلما أصبحوا خرج أندرونقس وجميعُ مَنْ معه من أسارى المسلمين، ومَنْ صار إليهم منهم، ومَنْ وافقه على رأيه من النصارى، وأخرج ماله ومتاعه إلى معسكر المسلمين، وخرّب المسلمون قونية، ثمَّ قفلوا إلى طَرَسُوس وأندرونقس وأسارى المسلمين، ومَنْ كان مع أندرونقس من النصارى.
وفي جمادى الآخرة منها كانت بين أصحاب حسين بن حمدان بن حمدون وجماعة من أصحاب زكرويه كانوا هربوا من الوَقعة التي أصابه فيها ما أصابه، وأخذوا طريق الفرات يريدون الشام، فأوقع بهم وقعة، فقتل جماعة منهم، وأسرَ جماعة من نسائهم وصبيانهم.
وفيها وافَى رسل ملك الروم أحدهم خال ولده أليون وبسيل الخادم، ومعهم جماعة باب الشماسيّة بكتاب منه إلى المكتفي يسأله الفداء بمَنْ في بلاده من المسلمين، مَنْ في بلاد الإِسلام من الرّوم، وأن يوجّه المكتفي رسولًا إلى بلاد الروم ليجمع الأسرى من المسلمين الذين في بلاده، وليجتمع هو معه على أمر يتّفقان عليه، ويتخلّف بسيل الخادم بطرسوس ليجتمع إليه الأسرى من الروم في الثغور ليصيّرهم مع صاحب السلطان إلى موضع الفداء، فأقاموا بباب الشماسيَّة أيامًا، ثمَّ أدخِلوا بغداد ومعهم هدية من صاحب الروم عشرة من أسارى المسلمين، فقبلت منهم، وأجيب صاحب الروم إلى ما سأل.
وفيها أخِذ رجل بالشام - زعم أنَّه السفيانيّ - فحمِل هو وجماعة معه من الشام إلى باب السلطان، فقيل: إنه موسوس.