للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فزعمت أن لا. وسألتك عن أتباعه، فزعمت أنَّهم الضعفاء والمساكين والأحداث والنساء؛ وكذلك أتباع الأنبياء في كلّ زمان، وسألتكُ عَمّن يتَّبعه، أيحبه ويلزمه أم يَقْلِيه ويفارقه؟ فزعمت أنَّه لا يتبعه أحدٌ فيفارقه؛ وكذلك حلاوة الإيمان لا تدخل قلبًا فتخرج منه. وسألتك: هل يغدر؟ فزعمت أن لا؛ فلئن كنتَ صدقتني عنه ليغلبَنِّي على ما تحت قدميّ هاتين؛ ولوددت أنِّي عنده فأغسل قدميه. انطلق لشأنك.

قال: فقمتُ من عنده وأنا أضرب إحدى يديّ بالأخرى؛ وأقول: أي عبادَ الله؛ لقد أمرَ أمْرُ ابن أبي كَبْشة! أصبح ملوك بني الأصفر يهابونَه في سلطانهم بالشام!

قال: وقدم عليه كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع دحيَة بن خليفة الكلبيّ: بسم الله الرحمن الرحيم. من محمَّد رسول الله إلى هِرَقْل عظيم الروم. السَّلام على من اتَّبع الهدى. أمَّا بعد: أسْلِمْ تَسْلَم، وأسْلِمْ يُؤْتِك الله أجْرَك مرّتين؛ وإن تتولّ فإنّ إثْمَ الأكّارين عليك -يعني تِحِمَّاله (١). (٢: ٦٤٦/ ٦٤٧ / ٦٤٨/ ٦٤٩).


(١) إسناده ضعيف ولكن حديث ابن عباس في هذه القصة حديث صحيح فقد أخرج البخاري عن حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -: أن أبا سفيان أخبره من فيه إلى فيه قال: "انطلقت في المدة التي كانت بيني وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فبينما أنا بالشام، إذ جيء بكتاب من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى هرقل: يعني عظيم الروم. قال: وكان دحية الكلبي جاء به، فدفعه إلى عظيم بصرى فدفعه عظيم بصرى إلى هرقل.
فقال هرقل: هل هنا أحد من قوم هذا الرجل الذي يزعم أنَّه نبي، قالوا: نعم. قال: فدعيت في نفر من قريش. فدخلنا على هرقل فأجلسنا بين يديه فقال: أيكم أقرب نسبًا من هذا الرجل الذي يزعم أنَّه نبي؟ فقال أبو سفيان: فقلت: أنا. فأجلسوني بين يديه وأجلسوا أصحابي خلفي، ثمَّ دعا بترجمانه فقال له: قل لهم: إني سائل هذا عن الرجل الذي يزعم أنَّه نبي. فإن كذبني فكذبوه.
قال: فقال أبو سفيان: وايم الله! لولا مخافة أن يؤثر علي الكذب لكذبت.
ثمَّ قال لترجمانه: سله كيف حسبه فيكم؟ قال: قلت: هو فينا ذو حسب قال: فهل كان من آبائه ملك؟ قلت: لا. قال: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال: قلت: لا. قال: ومن يتبعه: أشراف الناس أم ضعفاؤُهم؟ قال: قلت: بل ضعفاؤهم. قال: أيزيدون أم ينقصون؟ قال: قلت: بل يزيدون.
قال: هل يرتد أحد منهم عن دينه بعد أن يدخل فيه سخطة له؟ قال: قلت: لا. قال: فهل قاتلتموه؟ قلت: نعم. قال: فكيف كان قتالكم إياه؟ قال: قلت: تكون الحرب بيننا وبينه =

<<  <  ج: ص:  >  >>