فقال لهم حين سألوه: إني رأيت الليلة حين نظرت في النجوم ملك الختان قد ظهر، فمن يختتن من هذه الأمة؟ قالوا: ليس يختتن إلا اليهود. فلا يهمنك شأنهم واكتب إلى مدائن ملكك، فيقتلوا من فيهم من اليهود، فبينما هم على أمرهم أتي هرقل برجل أرسل به ملك غسان يخبر عن خبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فلما استخبره هرقل قال: اذهبوا فانظروا أمختتن هو أم لا؟ فنظروا إليه فحدثوه أنَّه مختتن، وسأله عن العرب فقال: هم يختتنون. فقال هرقل: هذا ملك هذه الأمة قد ظهر، ثمَّ كتب هرقل إلى صاحب له برومية وكان نظيره في العلم. وسار هرقل إلى حمص، فلم يرم حمص حتى أتاه كتاب من صاحبه يوافق رأي هرقل على خروج النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنه نبي. فأذن هرقل لعظماء الروم في دسكرة له بحمص، ثمَّ أمر بأبوابها فغلقت، ثمَّ اطلع فقال: يا معشر الروم، هل لكم في الفلاح والرشد، وأن يثبت ملككم فتبايعوا هذا النبي؟ فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأبواب فوجدوها قد غلقت، فلما رأى هرقل نفرتهم، وأيس من الإيمان قال: ردوهم عليّ. وقال: إني قلت مقالتي آنفًا أختبر بها شدتكم على دينكم، فقد رأيت. فسجدوا له ورضوا عنه، فكان ذلك آخر شأن هرقل". (صحيح البخاري / كتاب بدء الوحي، باب حديث أبي سفيان عند هرقل / ح ٧) وأخرجه مسلم (باب كتاب النبي إلى هرقل / ح ١٧٧٣) والترمذي (ح ٢٧١٨) وغيرهم والله أعلم. (١) إسناده ضعيف ولكن له متابع كما عند البخاري في صحيحه (بدء الوحي / ح ٧) عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن أبا سفيان بن حرب - رضي الله عنه - أخبره (أن هرقل أرسل إليه في ركب من قريش وكانوا تجارًا بالشام في المدة التي كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مادًّا فيها أبا سفيان وكفار قريش. . . الحديث وفي آخره: ثمَّ دعا بكتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي بعث به دحية إلى عظيم بصرى فدفعه إلى هرقل فقرأه. . . إلخ). وراجع تخريج الرواية السابقة (٢٠٦) إلا أن الطبري ذكر عام الحديبية بالتحديد وسنتطرق إلى توقيت إرساله - صلى الله عليه وسلم - للرسل إلى الملوك بعد انتهائنا من الجزء الثاني هذا إن شاء الله تعالى. =