للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وأصيبت أموالهم قال: وفشا ذلك بمكة، وانقمع المسلمون وأظهر المشركون فرحًا وسرورًا.
قال: وبلغ الخبر العباس بن عبد المطلب، فعقر وجعل لا يستطيع أن يقوم.
قال معمر: فأخبرني عثمان الجزري، عن مقسم قال: فأخذ العباس ابنًا له يقال له: قثم، فاستلقي، فوضعه علي صدره وهو يقول:
حبّي قثم حبِّي قثم ... شبيه ذي الأنف الأشم
نبي رب ذي النعم ... برغم أنف من رغم
قال ثابت [عن الحجاج] عن أنس: ثم أرسل غلامًا له إلي الحجاج بن علاط، فقال: ويلك ماذا جئت به؟ وماذا تقول؟ فما وعبد الله -عزَّ وجلَّ- خير مما جئت به. قال الحجاج بن علاط لغلامه: اقرأ علي أبي الفضل السلام، وقل له ليخل لي (في) بعض بيوته لآتيه، فإن الخبر علي ما يسره، فجاء غلامه، فلما بلغ باب الدار قال: أبشر أبا الفضل قال: فوثب العباس فرحًا حتى قبل بين عينيه. فأخبره ما قال الحجاج فأعتقه.
قال: ثم جاء الحجاج فأخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد افتتح خيبر وغنم أموالهم، وجرت سهام الله في أموالهم، واصطفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صفية بنت حييي فاتخذها لنفسه، وخيرها أن يعتقها وتكون زوجته، أو تلحق بأهلها، فاختارت أن يعتقها وتكون زوجته، ولكني جئت لمال كان لي هاهنا أردت أن أجمعه فأذهب به، فاستأذنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأذن لي أن أقول ما شئت، فأخف عني ثلاثًا، ثم اذكر ما بدا لك.
قال: فجمعت امرأته ما كان عندها من حلي أو متاع، فدفعته إليه، ثم استمر به، فلما كان بعد ثلاث، أتي العباس امرأة الحجاج فقال: ما فعل زوجك فأخبرته أنه ذهب يوم كذا وكذا وقالت: لا يخزيك الله يا أبا الفضل لقد شق علينا الذي بلغك قال: أجل لا يخزي الله ولم يكن بحمد الله إلا ما أحببنا، فتح الله خيبر على رسوله وجرت سهام الله.
واصطفى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صفية لنفسه فإن كان لك حاجة في زوجك فالحقي به. قالت: أظنك والله صادقًا. قال: فإني صادق والأمر علي ما أخبرتك.
ثم ذهب حتى أتي مجالس قريش وهم يقولون إذا مر بهم: لا يصبك إلا خير يا أبا الفضل. قال: لم يصبني إلا خير بحمد الله -تبارك وتعالى- قد أخبرني الحجاج بن علاط: أن خيبر قد فتحها الله -عزَّ وجلَّ- علي رسوله - صلى الله عليه وسلم - وجرت فيها سهام الله، واصطفي صفية لنفسه، وقد سألني أن أخفي عنه ثلاثًا، وإنما جاء ليأخذ ماله، وما كان له من شيء هاهنا ثم يذهب.
قال: فرد الله الكآبة التي كانت بالمسلمين علي المشركين، وخرج المسلمون ومن كان دخل بيته مكتئبًا حتى أتوا العباس فأخبرهم الخبر فسرّ المسلمون ورد (الله -يعني) ما كان من كآبة أو غيظ أو حزن علي المشركين.

<<  <  ج: ص:  >  >>