للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خيبر مما أفاء الله علي رسوله؛ خمّسها رسول الله وقسّمها بين المسلمين، ونزل مَنْ نزل من أهلها علي الإجْلاء بعد القتال؛ فدعاهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن شئتم دفعنا إليكم هذه الأموال علي أن تعملوها؛ وتكون ثمارها بيننا وبينكم؛ وأقِرُّكم ما أقرَّكم الله. فقبلوا، فكانوا علي ذلك يعملونها. وكان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يبعث عبدَ الله بن رواحة فيَقْسِمُ ثمرَها، ويعدل عليهم في الخرْص؛ فلما تَوفّي الله عزَّ وجلّ نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - أقرَّها أبو بكرِ بعد النبيّ في أيديهم علي المعاملة التي كان عاملهم عليها رسول الله حتى توفِّيَ، ثم أقرَّها عمر صَدْرًا من إمارته؛ ثمّ بلغ عمرَ أنِّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في وجَعِه الذي قبض فيه: لا يجتمعنّ بجزيرة العرب دينان، ففحَصَ عمر عن ذلك حتى بلّغه الثَّبَتُ، فأرسَلَ إلي يهود أنّ الله قد أذِنَ في إجلائكم؛ فقد بلغني أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا يجتمعنّ بجزيرة العرب دينان، فمن كان عنده عها من رسول الله فلْيأتني به أنفذه له؛ ومَنْ لم يكن عنده عهدٌ من رسول الله من اليهود فليتجهَّزْ للجلاء، فأجلي عمر مَنْ لم يكن عنده عهد من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهم.

قال أبو جعفر: ثم رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلي المدينة (١). (٣: ٢٠/ ٢١).


(١) ذكر الطبري ما ذكر هنا من تفاصيل عن الزهري وكذلك أخرجه ابن هشام من طريق ابن إسحاق عن الزهري مرسلًا وقد جمع الزهري خلاصة روايات عدة ذكرناها في قسم الصحيح سوى رواية (لم نذكرها سابقًا) أخرجها البخاري في صحيحه (كتاب الشروط ح / ٢٣٧٠): عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لما فَدَعَ أهل خيبن عبد الله بن عمر، قام عمر خطيبًا فقال: إنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان عامل يهود خيبر علي أموالهم وقال: (نقركم ما أقركم الله) وإن عبد الله بن عمر خرج إلي ماله هناك فعدي عليه من الليل، ففدعت يداه ورجلاه، وليس لنا هناك عدو غيرهم، هم عدونا وتهمتنا وقد رأيت إجلاءهم، فلما أجمع عمر علي ذلك أتاه أحد بني الحقيق فقال: يا أمير المؤمنين: أتخرجنا وقد أقرّنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وعاملنا علي الأموال، وشرط ذلك لنا، فقال عمر: أظننت أني نسيت قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (كيف بك إذا أخرجت من خيبر تعدو بك قلوصك ليلة بعد ليلة).
فقال: كانت هذه هزيلة من أبي القاسم. قال: كذبت يا عدو الله فأجلاهم عمر وأعطاهم قيمة ما كان لهم من الثمر مالًا وإبلًا وعروضًا من أقتابٍ وحبالٍ وغير ذلك. اهـ.
وأخرج مسلم في صحيحه (كتاب الجهاد والسير / باب إخراج اليهود و ... ) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: لأخرجن اليهود والنصاري من جزيرة العرب حتى لا أدع إلا مسلمًا).

<<  <  ج: ص:  >  >>