للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سهمايَ، ولو كان ربيئة لتحرّك؛ فإذا أصبحت فاتّبعي سهميّ فخذيهما لا تمضغهما عليّ الكَلاب، قال: فأمهلناهم حتى راحت رائحتُهم، حتى إذا احتلبوا وعطنوا سكنوا، وذهبت عَتمةٌ من الليل شننّا عليهم الغارة، فقتلنا مَنْ قتلنا واستقْنا النّعم، فوجّهنا قافلين؛ وخرج صَرِيخ القوم إلي القوم مُغَوِّثًا. قال: وخرجنا سِرَاعًا حتى نمرّ بالحارث بن مالك؛ ابن البرصاء، وصاحبه؛ فانطلقنا به معنا، وأتانا صَرِيخ الناس، فجاءنا ما لا قبل لنا به، حتى إذا لم يكن بيننا وبينهم إلّا بطنُ الوادي مِنْ قُدَيد، بعثَ الله عزّ وجلّ من حيث شاء سحابًا ما رأينا قبل ذلك مطرًا ولا خالًا، فجاء بما لا يقدر أحدٌ أن يقدم عليه، فلقد رأيناهم ينظرون إلينا، ما يقدرُ أحدٌ منهم أن يقدم ولا يتقدّم؛ ونحن نحدوها سراعًا؛ حتى أسندناها في المشلّل؛ ثم حدرناها عنها، فأعجزنا القوم بما في أيدينا، فما أنسي قولَ راجزٍ من المسلمين؛ وهو يحدوها في أعقابها، ويقول:

أبي أبو القاسم أنْ تَعَزَّبي

في خَضِلٍ نَباتُه مُغْلوْلِب

صُفرٍ أعاليه كلَوْنِ المُذْهَبِ (١)

(٣: ٢٧/ ٢٨).

٢٢٨ - قال أبو جعفر: وكان سبب إسلام عمرو بن العاص، ما حدَّثنا ابنُ حُميد، قال: حدَّثنا سلَمة، عن ابن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن راشد مولى ابن أبي أوْس، عن حبيب بن أبي أوْس، قال: حدّثني عمرو بن العاص من فيه إلي أذني، قال: لمّا انصرفنا مع الأحزاب عن الخندق، جمعتُ رجالًا من قريش كانوا يروْن رأيي، ويسمعون منّي، فقلت لهم: تعلمون والله أنّي لأري أمر محمد يَعْلُو الأمور عُلوًّا مُنْكرًا. وإنّي قد رأيت رأيًا فما تروْن فيه؟ قالوا:


(١) حديث جندب بن مكيث الجهني أخرجه كذلك ابن سعد في طبقاته من طريق ابن إسحاق هذا [(الطبقات الكبرى ٢/ ٣١١) طبعة دار إحياء التراث العربي].
وأخرجه أحمد (٣/ ٤٦٧) وذكره الهيثمي بطوله ثم قال في آخره: قلت: عند أبي داود طرف من أوله، رواه أحمد والطبراني ورجاله ثقات، فقد صرح ابن إسحاق بالسماع في رواية الطبراني (مجمع الزوائد ٦/ ٢٠٣).
قلنا: وفي إسناده مسلم بن عبد الله بن خبيب الجهني لم يوثقه سوى ابن حبان وقال الذهبي: تفرد به يعقوب بن عتبة، (الميزان ٤/ ١٠٥ / ت ٨٤٩٦). =

<<  <  ج: ص:  >  >>