فعقب الحافظ ابن حجر على قول (تسع عشرة): كذا قال ومراده الغزوات التي خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها بنفسه سواء قاتل أو لم يقاتل، لكن روى أبو يعلى من طريق أبي الزبير عن جابر أن عدد الغزوات إحدى وعشرون وإسناده صحيح. وأصله في مسلم، فعلى هذا فات زيد بن أرقم ذكر ثنتين منها ولعلها الأبواء وبواط، وكأن ذلك خفي عليه لصغره، ويؤيد ما قلته ما وقع عند مسلم بلفظ: قلت أول غزوة غزاها؟ قال: ذات العشير أو العشيرة اهـ. والعشيرة كما تقدم هي الثالثة وأما قول ابن التين: يحمل قول زيد بن أرقم على أن العشيرة أول ما غزا هو أي زيد بن أرقم. فقلت: ما أول غزوة غزاها أي وأنت معه؟ قال العشيرة فهو محتمل أيضًا، ويكون قد خفي عليه ثنتان مما بعد ذلك، أو عدّ الغزوتين واحدة. فقد قال موسى بن عقبة: قاتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بنفسه في ثمان: بدر ثم أحد ثم الأحزاب ثم المصطلق ثم خيبر ثم مكة ثم حنين ثم الطائف. اهـ. وأهمل غزوة قريظة لأنه ضمها إلى الأحزاب لكونها كانت في أثرها وأفردها غيره لوقوعها منفردة بعد هزيمة الأحزاب وكذا وقع لغيره عدّ الطائف وحنين واحدة لتقاربهما فيجتمع على هذا قول زيد بن أرقم وقول جابر. وقد توسع ابن سعد فبلغ عدة المغازي التي خرج فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنفسه سبعًا وعشرين وتبع في ذلك الواقدي وهو مطابق لما عده ابن إسحاق إلا أنه لم يفرد وادي القرى من خيبر، أشار إلى ذلك السهلي وكأن الستة الزائدة من هذا القبيل، (فتح الباري ٨/ ٥). قلنا: ورواية مسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير / باب كم عدد غزوات النبي - صلى الله عليه وسلم - (١٤٥/ ١٨١٣). عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزا إحدى وعشرين غزوة غزوت معه منها تسع عشرة غزوة ولم أشهد بدرًا ولا أحدًا منعني أبي فلما قتل أبي يوم أحد لم أتخلف عن غزاة غزاها. وقال الحافظ ابن كثير: وقد ذكر عروة بن الزبير والزهري وموسى بن عقبة ومحمد بن إسحاق بن يسار وغير واحد من أئمة هذا الشأن أنه - عليه السلام - قاتل يوم بدر في رمضان من سنة اثنتين ثم في أحد في شوال سنة ثلاث ثم الخندق وبني قريظة في شوال أيضًا من سنة أربع وقيل: خمس ثم في بني المصطلق بالمريسيع في شعبان سنة خمس ثم في خيبر في صفر سنة سبع ومنهم من يقول: سنة ست. والتحقيق أنه في أول سنة سبع وآخر سنة ست. ثم قاتل أهل مكة في رمضان سنة ثمان وقاتل هوازن وحاصر أهل طائف في شوال وبعض ذي الحجة سنة ثمان كما تقدم تفصيله (البداية والنهاية ٤/ ١٧٨).