أحبّ خلق الله إليك عائشة بنت أبي بكر، قال: ومَن الثيّب؟ قالت: سودة بنت زمعة بن قيس، قد آمنت بك واتبعتك على ما أنت عليه. قال: فاذهبي فاذكريهما عليّ. فجاءت فدخلت بيت أبي بكر، فوجدتْ أمّ رُومان؛ أمّ عائشة، فقالت: أي أمّ رومان ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبركة! قالت: وما ذاك؟ قالت: أرسلني رسول الله أخطب عليه عائشة، قالت: وددتُ! انتظري أبا بكر، فإنه آتٍ، فجاء أبو بكر، فقالت: يا أبا بكر، ماذا أدخل الله عليك من الخير والبركة! أرسلني رسولُ الله أخطب عليه عائشة، قال: وهل تصلح له، إنما هي ابنة أخيه! فرجعتْ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت له ذلك، فقال: ارجعي إليه، فقولي له: أنت أخي في الإسلام، وأنا أخوك، وابنتك تصلح لي. فأتت أبا بكر فذكرت ذلك له، فقال: انتظريني حتى أرجع، فقالت أم رُومان: إن المطعم بن عديّ كان ذكرها على ابنِه، ولا والله ما وعد شيئًا قطّ فأخلف. فدخل أبو بكر على مطعم، وعنده امرأته أمّ ابنه الذي كان ذكرها عليه، فقالت العجوز: يا بن أبي قُحافة، لعلنا إن زوّجنا ابننا ابنتك أن تصبِئَه وتدخله في دينك الذي أنت عليه! فأقبل على زوجها المطعِم فقال: ما تقول هذه؟ فقال: إنها تقول ذاك. قال: فخرج أبو بكر، وقد أذهب الله العِدَة التي كانت في نفسه من عِدَته التي وعدها إياه، وقال لخولة: ادعي لي رسول الله، فدعتْه فجاء فأنكحه؛ وهي يومئذ ابنة ستّ سنين. قالت: ثم خرجتُ فدخلت على سَوْدة فقلت: أي سَوْدة، ماذا أدخل الله عليك من الخير والبركة! قالت: وما ذاك؟ قالت: أرسلني رسولُ الله يخْطبك عليه، قالت: فقالت: وددت! ادخلي على أبي فاذكري له ذلك، قالت: وهو شيخ كبير قد تخلّف عن الحجّ، فدخلت عليه، فحيّيته بتحجّة أهل الجاهليّة، ثم قلت: إن محمّد بن عبد الله بن عبد المطلب أرسلني أخطب عليه سَوْدة، قال: كفءٌ كريمٌ؛ فماذا تقول صاحبته؟ قالت: تحبّ ذلك، قال: ادعيها إليّ، فدعيت له، فقال: أي سودة، زعمتْ هذه أنّ محمد بن عبد الله بن عبد المطلب أرسل يخطبك وهو كفءٌ كريم، أفتحبّين أن أزوِّجكه؟ قالت: نعم، قال: فادعيه لي، فدعتْه، فجاء فزوّجه، فجاء أخوها من الحجّ؛ عبد بن زمعة، فجعل يحثي في رأسه التراب، فقال بعد أن أسلم: إنّي لسفيةٌ يوم أحثي في رأسي التراب أن تزوّج رسول الله سودة بنت زمعة! قال: قالت عائشة: فقدمنا المدينة، فنزل أبو بكر السُّنْح في بني الحارث بن الخزرج، قالت: فجاء رسولُ الله فدخل بيتنا، فاجتمع