وأما بالنسبة لروايات حديث سقيفة بني ساعدة فالصحيحة منها مشهورة وكثيرة، ولنا فيها مندوحة عن غيرها من الروايات السقيمة ومنها: ١ - ما أخرجه البخاري في مواضع من صحيحه (كتاب الأحكام ٧/ ٢٦) وكتاب فضائل الصحابة (٤/ ١٩٣) و (٨/ ٢٦). ٢ - وأخرجه الإمام أحمد في المسند (١/ ١٣٣) و (١/ ١٩٣) طبعة شاكر. و (٣٣/ ٦٠) الفتح الرباني. وأخرجه النسائي في (فضائل الصحابة / ٥) وصحح البوصيري إسناده (مصباح الزجاجة ١/ ١٤٦). ٣ - وأخرجه الطبري كما مرّ بنا عن ابن عباس (٣/ ٢٠٣) كسياق البخاري في صحيحه. وتفيدنا هذه الروايات الصحيحة ما يلي: ١) - حرص الصحابة على نصب الإمام الأعظم للمسلمين، وذلك واضح من خلال انشغالهم بتعيين الخليفة وتأخيرهم دفن حبيبهم وقرة عينهم - صلى الله عليه وسلم - من أجل ذلك الأمر العظيم. ٢) - حرص الصحابة الشديد على تولية الأولى الأجدر والأفضل بالخلافة، وذلك واضح من قول سيدنا عمر رضي الله عنه: (وليس منكم من تُقطع إليه الأعناق مثل أبي بكر). ٣) - تولية الإمام الأعظم (الخليفة) كان بمشورة الصحابة أجمعين ولم يكن تولية إجبار وإكراه؛ فإن المهاجرين والأنصار دخلوا في حوار ونقاش حتى شرح الله صدورهم لكلام أبي بكر واقتنعوا به فبايعوه جميعًا ومنهم الزبير وعلي رضي الله عنهم أجمعين، وذلك واضح من قوله رضي الله عنه: (فمن بايع رجلًا من غير مشورة من المسلمين فإنه لا بيعة له). وقوله: (فلا يغترن امرؤ أن يقول: إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة). ٤) - لم يكن نقاش الصحابة في بداية الأمر وتغاير آرائهم حرصًا منهم على المناصب والرئاسة وإنما حرصًا منهم على تولية الأفضل والأحسن، ولذلك تراهم سرعان ما انصاعوا لبيعة أبي بكر رضي الله عنه وذلك دليل على أدبهم الجم وتربيتهم الرفيعة التي تلقوها على مائدة القرآن وتحت إشراف خير خلق الله - صلى الله عليه وسلم - ولذلك قال، الإمام الجويني رحمه الله: كان =