ولقد تأثر بهذه الافتراءات كثير من أساتذة الجامعات والكتاب والمؤرخون في بلادنا فها هو إبراهيم بيضوني يقول: (كان مؤتمر السقيفة التي دعا إليها مسلمو المدينة (الأنصار) المبادرة الأولى التي وضعت خلافة الرسول موضع التداول. فمن هناك تجاهرت الأصوات بما كان مكبوتا وتناقلت الألسن ما كان همسًا حتى ذلك الحين، ولم يكن تكتل الأنصار المبادر إلى طرح مشكلة الحكم قادرًا على أن يكون سيد الموقف وأن يمارس لعبة الذكاء المطلوبة فقد كان تجمعًا يفتقد الانسجام وإلى الزعامة، وكلتاهما من ركائز الطموح إلى السلطة ومن شروطه المبدئية، كذلك لم يكن سعد بن عبادة الخزرجي المسنّ والمريض في حجم المنصب الكبير) (ملامح التيارات السياسية في القرن الأول الهجري / ١٣). قلنا: (المحققان): سبحان الله العظيم كم هي عظيمة هذه الافتراءات وكم هي بعيدة عن الواقع التأريخي والروايات الصحيحة والمستوى التربوي الذي كان عليه صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -! ! ولقد تبين لنا جليًّا من خلال تحقيقنا لروايات الطبري: أن المسألة لم تكن إثارة لأحقاد دفينة، ولا لنزاعات قبلية، ولا لأصوات مكبوتة، وإنما كان حوارًا ونقاشًا بين الصحابة لاختيار الأصلح والأفضل، وإذا كان الأمر كما يدَّعون فكيف انتهت المسألة بجلسة واحدة وبكلام يسير قال في نهايتها سعد بن عبادة لأبي بكر: صدقت. وقام الناس فبايعوا أبا بكر، وكذلك بيّنا أن الروايات التأريخية الصحيحة تؤكد: أن عليًّا بايع أبا بكر وأقرّ بالأفضلية والأولوية. ثم إن تأخر الصحابة عن دفن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتأخر ذلك إلى اليوم التالي وانشغالهم باختيار الخليفة دليل على إجماع الصحابة على وجوب نصب خليفة للمسلمين يسوس أمورهم العامة =