للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فمات المنذر بن ساوى بالبحرين بعد متوفَّى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان عمرو بن العاص بعُمان، فتوفّي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وعمرو بها فأقبل عمرو، فمرّ بالمنذر بن ساوى وهو بالموت فدخل عليه فقال المنذر له: كم كان رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يجعل للميّت من المسلمين من ماله عند وفاته؟ قال عمرو: فقلت له: كان يجعل له الثّلُث؛ قال: فما ترى لِي أن أصنع في ثلُث مالي؟ قال عمرو: فقلت له: إن شئت قسمتَه في أهل قرابتك، وجعلتَه في سبيل الخير؛ وإن شئت تصدّقت به فجعلته صدقةً مُحَرّمة تجري من بعدك على مَنْ تصدّقت به عليه. قال: ما أحبّ أن أجعل من مالي شيئًا محرّمًا كالبَحيرة والسَّائبة والوَصِيلة والحامِي ولكن أقسمه، فأنفذه على مَنْ أوصيتُ به له يصنع به ما يشاء.

قال: فكان عمرو يعجب لها من قوله. وارتدّت ربيعة بالبحرين فيمَن ارتدّ من العرب، إلا الجارود بن عمرو بن حَنَش بن مُعَلَّى؛ فإنه ثبت على الإسلام ومَن معه من قومه، وقامَ حين بلغته وفاة رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وارتداد العرب، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله، وأكفر من لا يشهد. واجتمعت ربيعة بالبحرين وارتدّت، فقالوا: نردُّ الملْكَ في آل المنذر، فملَّكوا المنذر بن النعمان بن المنذر، وكان يُسَمَّى الغَرور، وكان يقول حين أسلم وأسلم الناس وغلبهم السيف: لستُ بالغَرُور؛ ولكنّي المغرور.

٣٠ - حدَّثنا عُبيد الله بن سعد، قال: أخبرَنا عمّي، قال: أخبرنا سَيفٌ، عن إسماعيل بن مسلم، عن عُمَير بن فلان العَبْدِيّ، قال: لمَّا مات النبيّ - صلى الله عليه وسلم - خرج الحُطَمُ بن ضُبَيعة أخو بني قيس بن ثعلبة فيمَن اتّبعه من بكر بن وائل على الرّدّة، ومَنْ تأشَّب إليه من غير المرتدّين ممَّن لم يزل كافرًا، حتى نزل القَطِيف وهَجَر، واستغوى الخطّ ومن فيها من الزُّطّ والسَّيابجة، وبَعث بعثًا إلى دارِين، فأقاموا له ليجعلَ عبدَ القَيس بينه وبينهم، وكانوا مخالفين لهم، يمدُّون المنذر والمسلمين؛ وأرسل إلى الغَرور بن سُوَيد، أخي النعمان بن المنذر؛ فبعثه إلى جؤاثَى، وقال: اثبت، فإني إن ظفرت ملَّكتك بالبحرين حتى تكون كالنعمان بالحيرة. وبعث إلى جؤاثى، فحصرهم وألحُّوا عليهم فاشتدّ على المحصورين الحصر، وفي المسلمين المحصورين رَجُل من صالح المسلمين يقال له عبد الله بن حذَف؛ أحد بني أبي بكر بن كِلاب، وقد اشتدّ عليه وعليهم الجوع

<<  <  ج: ص:  >  >>