وسعيد بن المَرْزُبان، قالا: واستعمل رستم على حرب أبي عُبيد بهمن جاذويه؛ وهو ذو الحاجب، وردّ معه الجالنوس ومعه الفيَلة، فيها فيل أبيض عليه النَّخل، وأقبل في الدَّهْم، وقد استقبله أبو عُبيد حتى انتهى إلى بابل؛ فلمَّا بلغه انحاز حتى جعل الفرات بينه وبينه؛ فعسكر بالمرْوحَة.
ثم إن أبا عبيد ندم حين نزلوا به وقالوا: إمَّا أن تعبروا إلينا وإمَّا أن نعبر، فحلف ليقطعنّ الفرات إليهم، وليمحّصنّ ما صنع، فناشده سَلِيط بن قيمس ووجوه النَّاس، وقالوا: إنّ العرب لم تلق مثل جنود فارس منذ كانوا، وإنهم قد حفلوا لنا واستقبلونا من الزُّهاء والعُدّة بما لم يلقَنَا به أحد منهم؛ وقد نزلتَ منزلًا لنا فيه مجال وملجأ ومرجع؛ من فَرّة إلى كَرّة. فقال: لا أفعل، جبُنت والله! وكان الرَّسول فيما بين ذي الحاجب وأبي عبيد مردانْشاه الخصيّ؛ فأخبرهم أنّ أهل فارس قد عيَّروهم؛ فازداد أبو عبيد مَحَكًا، وردّ على أصحابه الرأي، وجبّن سَلِيطًا، فقال سليط: أنا والله أجرأ منك نفسًا؛ وقد أشرنا عليك الرأيّ فستعلم! (١). (٣: ٤٥٦/ ٤٥٥).
١٠٥ - كتب إليّ السريّ بن يحيى عن شعيب، عن سيف، عن النَّضْر بن السريّ، عن الأغرّ العِجليّ، قال: أقبل ذو الحاجب حتى وقف على شاطئ الفُرات بقُسّ النَّاطف، وأبو عبيد معسكرٌ على شاطئ الفرات بالمَرْوحة فقال: إما أن تعبُروا إلينا وإما أن نعبُر إليكم. فقال أبو عبيد: بل نعبُر إليكم. فعقد ابن صلوبا الجسر للفريقين جميعًا؛ وقبل ذلك ما قد رأت دَوْمة امرأة أبي عبيد رُؤيا وهي بالمَرْوحة: أن رجلًا نزل من السماء بإناء فيه شراب، فشرب أبو عُبيد وجَبْر في أناس من أهله؛ فأخبرت بها أبا عبيد، فقال: هذه الشهادة، وعهد أبو عبيد إلى الناس، فقال: إن قتِلتُ فعلَى الناس جَبْر، فإن قتل فعليكم فلان، حتى أمَّر الذين شربوا من الإناء على الولاء من كلامه. ثم قال: إن قتل أبو القاسم فعليكم المثنَّى، ثم نَهَد بالناس فعبَر وعبروا إليهم، وعضَّلت الأرض بأهلها، وألحم الناس الحربَ. فلمَّا نظرت الخيول إلى الفيَلة عليها النخل؛ والخيل عليها التَّجَافيف والفرسان عليهم الشُّعُر رأت شيئًا منكرًا لم تكن ترى مثله، فجعل