للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧ - التوسُّع في سيرة الخلفاء: يظهر من تاريخ الطبري أنه يعطي الخلفاء أَوْلويَّة خاصة، وأهمية متميِّزة، وكأنَّ التاريخ محيط بهم، ويدور في فلكهم، وأن حياتهم ذات أثر كبير في غيرهم، للمثل القائل "الناس على دين ملوكهم"، وانعكاس أعمالهم على فعاليات الأمة، فكان الطبري إذا ذكر خليفة بيَّن سبب وفاته، وساق الروايات في ذلك، وعرض جانبًا من أحواله وأقواله وتصرُّفاته وسيرته العامة والخاصة، ويطيل أحيانًا في الخلفاء المهمّين كما فعل في سيرة الخلفاء الراشدين، ومعاوية بن أبي سفيان، وعبد الملك بن مروان، وعمر بن عبد العزيز، والمنْصور، والمهدي، والرَّشيد.

٨ - الإكثار من الوثائق التاريخية: أكثر الطبري من إيراد الوثائق التاريخية لمادته العلمية، لذلك اعتبر تاريخه أوثق مصادر التاريخ الإِسلامي، كما وصفه ابن خلكان سابقًا بأنَّه "أصح التواريخ وأثبتُها" وكذلك يُعتبر تاريخ الطبري أوثق ما دُوِّن في السيرة النبوية، وهذا ينمّ عن دقة الطبري وتحقيقه وسعة اطلاعه، وهو ينسجم مع منهج الطبري العلمي والدقيق في مختلف كتبه ومصنفاته.

وعلى سبيل المثال تضمَّن تاريخ الطبري حوالي ثلاثين وثيقة تتعلق بالسيرة النَّبوية، أكثرها في العهد المدني، وتضمَّن حوالي خمسين وثيقة تتعلق بعصر الخلفاء الراشدين، وذكر الطبري بعض الوثائق للعهد الأموي، تُعتبر فريدة وهامّة، كما التزم هذه الدقة في تاريخ الروم والفرس والعرب، بالإضافة إلى الوثائق الأدبية.

٩ - تسجيل النُّصُوص الأدبية: وهنا يُكثر الطبري من ذكر النصوص الأدبية المرتبطة بالأحداث، كالشعر والخطابة والرسائل والمحاورات ذات الصلة بالمناسبات التاريخية (١).

والطبري في هذه الناحية يتبع منهج المؤرخين في عصره، ورواة الأخبار قبله، الذين يحرِصُون على تدوين الشعر الذي يتصل بالموضوع، كما كان


(١) يقول أحمد أمين: "وكتابه هذا، مع أنه تاريخي في أصله، فالقارئ له يقف على ثروة كبيرة في الأدب، لأنه في حكايته للروايات المختلفة يقصُّها في لغة رصينة بليغة، غاية في القوة" (ظهر الإسلام ٢/ ٢٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>