للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرِّوايات العديدة، ويَمْزجون بعضها مع بعض لإخراج الحادثة متكاملة ووافية في المعنى والموضوع وأطراف الحادثة، وهذا ما يُسمَّى تاريخيًا بالإِسناد الجَمْعي، لحاجة كتب التاريخ والقصص والأخبار إلى السَّرْد الموضوعي، واستمرار الحوادث في نَسَق تاريخي متتابع، فتتكامل الصورة التاريخية في الموضوع، لكنهم يضطرون إلى ذكر السند لكل رواية لإِتاحة الفرصة للتحقق من صحتها، والتأكد من سندها.

٤ - جمع الأخبار وضبط النصوص: حرص الطبري -رحمه الله- على ذكر أحداث كل سنة بشكل أخبار، ولكنه يذكر غالبًا للحادثة الواحدة روايات مختلفة لاعتقاده بوجوب ذكرها، ويقف غالبًا عند هذا الحدّ، فلا ينتقد الروايات المختلفة التي ذكرها، ولا يناقش مضمونها، ولا يرجِّح بعضها على بعض، لذلك أطلق عليه بعض المؤرخين اسم "الجمَّاعة" وأطلقوا على كتابه اسم "مجموع" خلافًا لمنهج الطبريّ في التفسير، فإئه يناقش الروايات، ويبيّن الراجح، ويبدي رأيه باستمرار.

وكان الطبري يحرص أيضًا في التاريخ على ضبط النصوص التي يرويها دون تبديل، حتى ولو كان في النص كلمات أعْجمية، ونصوص أعجمية، وأشعار فارسية.

٥ - الاستطراد في ذكر الأسباب والتفصيلات المصاحبة: فيذكر الطبري السبب في كل حادث يسجّله، وهذا أمر طيِّب لإلقاء الضوء عليه، كما كان يستطرد في عرض التفصيلات المتعلقة بالأحداث، ويعرض الحواشي المصاحبة لها، لأنها تتعلق بها، ثم يعود إلى الموضوع الرئيس الذي بدأ به، ويذكِّر القارئ فيه بقوله: "نعود إلى سياق خبر كذا وكذا، أو سياق خبر فلان أي راوي الخبر، أو نرجع إلى حديث فلان".

٦ - وضع العناوين للأحداث: ويمتاز الطبري في منهجه التاريخي بوضع عناوين للأحداث التي يَعْرِضها، وخاصة للأحداث المهمة التي تحتل المكانة الأولى في السنة التي يُؤرِّخ لها، ويقدم عناوينه بمقدمة عن الحادث المعيَّن للتأكيد على كلمة "سبب"، أما الأحداث الصَّغيرة فإنه يذكرها متعاقبة دون عناوين.

<<  <  ج: ص:  >  >>