للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجزية فقبل منهم، وأجرى مَن أجاب بعد غَلْبِه مُجْرى أهل الذّمة، ثم إنّ عياضًا سرّح سُهيلًا وعبد الله إلى الرُّهاء، فاتقوهما بالإجابة إلى الجِزية، وأجرى مَن دونهم مجراهم؛ فكانت الجزيرة أسهلَ البلدان أمرًا، وأيسره فَتْحًا، فكانت تلك السهولة مهجَنة عليهم وعلى من أقام فيهم من المسلمين، وقال عياض بن غَنْم:

مَن مُبْلِغُ الأقوامِ أن جُموعَنا ... حَوَتِ الجَزيرَةَ يوم ذاتِ زِحامِ

جَمعُوا الجَزيرَةَ والغِياثَ فَنَفَّسُوا ... عَمَّنْ بِحِمْصَ غَيابَةَ القُدَّامِ

إنَّ الأعِزَّةَ والأكارِمَ مَعْشَرٌ ... فَضُّوا الجزيرَةَ عن فِراخِ الهامِ

غَلَبُوا المُلوكَ على الجَزيرةِ فانتَهَوْا ... عن غَزْو مَنْ يأوي بلادَ الشامِ

ولما نزل عمر الجابية، وفرغ أهلُ حمص أمدّ عياض بن غَنْم بحبيب بن مسلمة، فقدم على عياض مددًا، وكتب أبو عبيدة إلى عمر بعد انصرافه من الجابية يسأله أن يضمّ إليه عياض بن غَنْم إذ ضمّ خالدًا إلى المدينة، فصرفه إليه، وصرف سهيل بن عديّ وعبد الله بن عبد الله إلى الكوفة ليصرفهما إلى المشرق، واستعمل حبيب بن مَسْلمة على عجم الجزيرة وحربها، والوليد بن عُقْبة على عرب الجزيرة، فأقاما بالجزيرة على أعمالهما.

قالوا: ولما قدم الكتاب من الوليد على عمر كتب عمر إلى ملك الروم: إنه بلغني أنّ حيًّا من أحياء العرب ترك دارنا وأتى دارك؛ فوالله لتُخرجنّه أَو لننبِذنّ إلى النصارى؛ ثم لنخرجنّهم إليك. فأخرجهم ملك الرّوم، فخرجوا فتمّ منهم على الخروج أربعة آلاف مع أبي عديّ بن زياد، وخَنَس بقيّتهم، فتفرقوا فيما يلي الشام والجزيرة من بلاد الروم؛ فكلّ إياديّ في أرض العرب من أولئك الأربعة الآلاف؛ وأبَى الوليد بن عقبة أن يقبل من بني تغلِب إلَّا الإسلام؟ فقالوا له: أمّا من نُقّب على قومه في صلح سعد ومَن كان قِبَله فأنتم وذاك، وأمّا من لم ينقب عليه أحد ولم يُجْرِ ذلك لمن نقب فما سبيلك عليه! فكتب فيهم إلى عمر، فأجابه عمر: إنما ذلك لجزيرة العرب لا يقبل منهم فيها إلَّا الإسلام، فدعْهم على ألا يُنصِّروا وليدًا، واقبل منهم إذا أسلموا، فقبل منهم على ألا يُنَصّروا وليدًا، ولا يمنعوا أحدًا منهم من الإسلام، فأعطَى بعضهم ذلك فأخذوا به، وأبي

<<  <  ج: ص:  >  >>