للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناس عليه، فلما اجتمعوا عليه قال: أيّها الناس! إني راجع فارجعوا، فقال له أبو عبيدة بن الجراح: أفرارًا من قَدر الله! قال: نعم فرارًا مَن قدَر الله إلى قَدَر الله؛ أرأيت لو أن رجلًا هبط واديًا له عُدْوتان: إحداهما خَصبَة والأخرى جَدْبة، أليس يرعى مَنْ رعَى الجدْبة بقَدر الله، ويرعَى مَن رَعى الخِصبة بقَدر الله! ثم قال: لو غيرك يقول هذا يا أبا عبيدة! ثم خلا به بناحية دون الناس؛ فبينا الناس على ذلك؛ إذْ أتى عبدُ الرحمن بن عوف - وكان متخلّفًا عن الناس لم يشهدهم بالأمس - فقال: ما شأن الناس؟ فأخبر الخبر، فقال: عندي من هذا علم، فقال عمر: فأنت عندنا الأمين المصدّق، فماذا عندك؟ قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا سمعتم بهذا الوباء ببلد فلا تقدِموا عليه، وإذا وقع وأنتم به فلا تخرجوا فِرارًا منه"؛ ولا يخرجنَّكم إلَّا ذلك، فقال عمر: فللَّهِ الحمد! انصرفوا أيها الناس! فانصرف عنهم (١). (٤: ٥٧/ ٥٨).

١٩١ - حدثنا ابن حُميد، قال: حدَّثنا سلَمة عن محمد بن إسحاق، عن ابن شهاب الزهريّ، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة وسالم بن عبد الله بن عمر: أنهما حدّثاه: أن عمر رجع بالناس عن حديث عبد الرحمن بن عوف، فلما رجع عمر، رجع عمّال الأجناد إلى أعمالهم (٢). (٤: ٥٨).


(١) إسناده ضعيف وسنتحدث عنه بعد الرواية الآتية إن شاء الله.
(٢) إسناده ضعيف والحديث صحيح.
ولقد أخرج البخاري عن ابن عباس: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج إلى الشام حتى إذا كان بسرغ لقيه أمراء الأجناد أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه فأخبروه أن الوباء قد وقع بأرض الشام - قال ابن عباس فقال عمر: ادع لي المهاجرين الأولين فدعاهم فاستشارهم وأخبروهم أن الوباء قد وقع في الشام، فاختلفوا فقال بعضهم: قد خرجنا لأمر، ولا نرى أن ترجع عنه، وقال بعضهم: معك بقية الناس أو أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء، فقال: ارتفعوا عني. ثم قال: ادعوا لي الأنصار فدعوتهم، فاستشارهم فسلكوا سبيل المهاجرين، واختلفوا كاختلافهم فقال: ارتفعوا عني. ثم قال: ادع لي من كان هاهنا من مشيخة قريش من مهاجرة الفتح فدعوتهم فلم يختلف منهم عليه رجلان فقالوا: نرى أن ترجع بالناس ولا تقدمهم على هذا الوباء، فنادى عمر في الناس: إني مصبح على ظهر، فأصبحوا عليه، فقال أبو عبيدة بن الجراح: أفرارًا من قدر الله؟ فقال عمر: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة! نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله. أرأيت إن كان لك إبل هبطت واديًا له عدوتان: إحداها خصيبة والأخرى جدبة، أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله، وإن =

<<  <  ج: ص:  >  >>