للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= سنح، فأجاز المدينة فأدخله من مدخل الماء حيث يدخل على أهل المدينة، قال: فأدخله في مدخل شديد يضيق به أحيانا حتى ينبطح على بطنه، ويتسع أحيانًا فيمشي قائمًا، ويحبو في بعض ذلك حتى دخل المدينة، وقد أمر أبو موسى أن يحفظ طريق باب المدينة طريق السوق ومنزل الهرمزان، فانطلق به الدهقان حتى أراد طريق السور وطريق الباب، ثم انطلق به إلى منزل الهرمزان، وقد كان أبو موسى أوصاه أن لا تسبقني بأمر، فلما رأى الهرمزان قاعدًا وحوله دهاقنته وهو يشرب فقال للدهقان: هذا الهرمزان؟ قال: نعم. قال: هذا الذي لقي المسلمون منه ما لقوا، أما والله لأريحنهم منه قال: فقال له الدهقان: لا تفعل فإنهم يحرزون ويحولون بينك وبين دخول هذا المدخل، فأبى مجزأة إلَّا أن يمضي على رأيه على قتل العلج، فأداره الدهقان وطلب أن يكف عن قتله، فأبى، فذكر الدهقان قول أبي موسى: (اتق أن لا تسبقني بأمر) فقال: أليس قد أمرك صاحبك أن لا تسبقه بأمر، فقال: ها أنا والله لأريحنهم منه، فرجع مع الدهقان إلى منزله فأقام يومه حتى أمسى، ثم رجع إلى أبي موسى فندب أبو موسى الناس معه، فانتدب ثلاثمئة ونيف، فأمرهم أن يلبس الرجل ثوبين لا يزيد عليه، وسيفه، ففعل القوم. قال: فقعدوا على شاطئ النهر ينتظرون مجزأة أن يأتيهم وهو عند أبي موسى يوصيه، ويأمره، قال عبد الرحمن بن أبي بكرة: ليس لهم هم غيره - يشير إلى الموت، لأنظرن إلى ما يصنع، والمائدة موضوعة بين يدي أبي موسى، قال فكأنه استحيى ألا يتناول من المائدة شيئًا، قال: فتناول حبة من عنب فلاكها فما قدر على أن يسيغها وأخذها رويدًا فنبذها تحت الخوان، وودعه أبو موسى وأوصاه فقال مجزأة لأبي موسى: إني أسألك شيئًا فأعطنيه، قال: لا تسألني شيئًا إلَّا أعطيتكه، قال: فأعطني سيفك أتقلده إلى سيفي، فدعا له بسيفه فأعطاه إياه، فذهب إلى القوم وهم ينظرونه حتى كان في وسطه منهم فكبر ووقع في الماء ووقع القوم جميعًا، قال: يقول عبد الرحمن بن أبي بكرة كأنهم البط فسبحوا حتى جاوزوا، ثم انطلق بهم إلى الثقب الذي يدخل الماء منه فكبر، ثم دخل فلما أفضى إلى المدينة فنظر لم يقم معه إلَّا خمسة وثلاثون أو ستة وثلاثون رجلًا، فقال لأصحابه: ألا أعود إليهم فأدخلهم، فقال رجل من أهل الكوفة يقال له الجبان لشجاعته: غيرك فليقل هذا يا مجزأة! إنما عليك نفسك فامض لما أمرت به، فقال له: أصبت فمضى بطائفة منهم إلى الباب فوضعهم عليه ومضى بطائفة إلى السور فانحدر عليه علج من الأساورة معه، فنزل، فطعن مجزأة فأثبته، فقال مجزأة: امضوا لأمركم، لا يشغلنكم عني شيء فألقوا عليه برذعة ليعرفوا مكانه ومضوا وكبر المسلمون على السور وعلى باب المدينة وفتحوا الباب وأقبل المسلمون على عادتهم حتى دخلوا المدينة، قال قيل للهرمزان: هذه العرب قد دخلوا. قال: لا شك أنهم قد رحسوها، قال: من أين دخلوا؟ أمن السماء، قال: وتحصن في قصبة له، وأقبل أبو موسى يركض على فرس له عربي حتى دخل على أنس بن مالك وهو على الناس قال: لكن نحن يا أبا حمزة =

<<  <  ج: ص:  >  >>