وأهلي وأهل بيتي؛ على أن أدلك على كُنوز النَّخيرجان -وهي كنوز آل كسرى- تكون لك ولصاحبك، لا يَشركك فيها أحد؟ قال: قلت: نعم، قال: فابعث معي من أدلّه عليها، فبعثت معه، فأتى بسَفَطين عظيمين ليس فيهما إلا اللؤلؤ والزّبَرجد والياقوت؛ فلما فرغت من قَسْمِي بين الناس احتملتهما معي؛ ثم قدِمت على عمر بن الخطاب؛ فقال: ما وراءك يا سائب؟ ! فقلت: خير يا أميرَ المؤمنين! فتح الله عليك بأعظم الفتح، واستُشهد النعمان بن مقرّن رحمه الله. فقال عمر: إنا لله وإنا إليه راجعون! قال: ثم بكى فنشَج، حتى إنّي لأنظر إلى فروع مَنكِبيه من فوق كَتده. قال: فلما رأيتُ ما لقي قلت: والله يا أميرَ المؤمنين ما أصيبَ بعده من رجل يُعرف وجهه. فقال: المستضعَفون من المسلمين؛ ! لكنّ الذي أكرمهم بالشهادة يعرف وجوهَهم وأنسابَهم، وما يصنعون بمعرفة عمر ابن أمّ عمر! ثم قام ليدخل، فقلت: إنّ معي مالًا عظيمًا قد جئت به، ثم أخبرته خبر السَّفَطَين، قال: أدخِلْهما بيتَ المال حتى ننظر في شأنهما، والحق بجندك. قال: فأدخلتُهما بيت المال، وخرجت سريعًا إلى الكوفة. قال: وبات تلك الليلة التي خرجت فيها، فلما أصبح بعث في أثري رسولًا، فوالله ما أدركني حتى دخلتُ الكوفة، فأنخت بعيري، وأناخ بعيره على عُرقوبي بعيري، فقال: الحق بأمير المؤمنين، فقد بعثنِي في طلبك، فلم أقدر عليك إلّا الآن. قال: قلت: ويلك! ماذا ولمَ؟ قال: لا أدري والله! قال: فركبتُ معه حتى قدمتُ عليه، فلما رآني قال: ما لي ولابن أمّ السائب! بل ما لابن أمّ السائب وما لي! قال: قلت: وما ذاك يا أمير المؤمنين؛ ! قال: ويحك! والله ما هو إلّا أن نمت في الليلة التي خرجتَ فيها، فباتت ملائكة ربي تسحَبُني إلى ذينك السفطَين يشتعلان نارًا، يقولون: لنكويَنّك بهما، فأقول: إني سأقسمهما بين المسلمين؛ فخذهما عنّي لا أبالك والحق بهما، فبعهما في أعطية المسلمين وأرزاقهم. قال: فخرجتُ بهما حتى وضعتهما في مسجد الكوفة، وغشِيَني التجار، فابتاعهما منّي عمرو بن حُريث المخزوميّ بألفي ألف؛ ثم خرج بهما إلى أرض الأعاجم، فباعهما بأربعة آلاف ألف؛ فما زال أكثرَ أهل الكوفة مالًا بعد (١). (٤/ ١١٦ / ١١٧).