للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٠٥ - حدَّثنا الرّبيع بن سليمان، قال: حدَّثنا أسد بن موسى، قال: حدَّثنا المبارك بن فضالة، عن زياد بن حُدَير، قال: حدّثني أبي: أنّ عمرَ بن الخطاب - رضي الله عنه -، قال للهرمزان حين آمنه: لا بأس، انصح لي، قال: نعم، قال: إنّ فارس اليوم رأس وجناحان؛ قال: وأين الرأس؟ قال: بنهاوند مع بُنْدار؛ فإنّ معه أساورة كسرى وأهل أصبهان، قال: وأين الجناحان؟ فذكر مكانًا نسيته، قال: فاقطع الجناحين يَهِنِ الرأس. فقال عمر: كذبت يا عدوّ الله! بل أعْمد إلى الرأس فأقطعه، فإذا قطعه الله لم يعصِ عليه الجناحان. قال: فأراد أن يسير إليه بنفسه، فقالوا: نذكّرك الله يا أمير المؤمنين أن تسيرَ بنفسك إلى حلبة العجم؛ فإن أُصبت لم يكن للمسلمين نظام؛ ولكن ابعث الجنود، فبعث أهل المدينة فيهم عبد الله بن عمر بن الخطّاب، وفيهم المهاجرون والأنصار؛ وكتب إلى أبي موسى الأشعريّ أن سرْ بأهل البصرة، وكتب إلى حُذيفة بن اليمان أن سرْ بأهل الكوفة حتى تجتمعوا جميعًا بنهاوند؛ وكتب: إذا التقيتم فأميرُكم النُّعمان بن مقرّن المزنيّ؛ فلما اجتمعوا بنهاوند، أرسل بُنْدار العِلْج إليهم: أن أرسلوا إلينا رجلًا نكلّمه؛ فأرسلوا إليه المغيرة بن شعبة. قال أبي: كأني أنظر إليه؛ رجلًا طويلَ الشعر أعورَ؛ فأرسلوه إليه، فلمّا جاء سألناه، فقال: وجدتُه قد استشار أصحابه؛ فقال: بأيّ شيء نأذن لهذا العربيّ؟ بشارتنا وبهجتنا ومُلْكنا، أو نتقشف له فيما قبَلنا حتى يزهد؟ فقالوا: لا، بل بأفضل ما يكون من الشارة والعدّة، فتهيؤوا بها، فلما أتيناهم كادت الحِراب والنيازك يلتمع منها البصر، فإذا هم على رأسه مثل الشياطين، وإذا هو على سرير من ذهب على رأسه التاج. قال: فمضيت كما أنا ونكّسْت، قال: فدفِعت ونُهنهت، فقلت: الرسل لا يفعل بهم هذا، فقالوا: إنما أنت كلْب، فقلت: معاذ الله! لأنا أشرف في قومي من هذا في قومه؛ فانتهروني، وقالوا: اجلس. فأجلسوني. قال -وتُرجِم له قوله: إنكم معشرَ العرب أبعدُ الناس من كلّ خير، وأطول الناس جوعًا، وأشقى الناس شقاء، وأقذر الناس قَذرًا، وأبعده دارًا؛ وما منعني أن آمر هؤلاء الأساورة حولي أن ينتظموكم بالنشّاب إلّا تنجُّسًا لجيَفكم؛ فإنكم أرجاس؛ فإن تذهبوا نُخَلّ عنكم، وإن تأتُوا نرِكم مصارعَكم؛ قال: فحمِدْت الله، وأثنيت عليه، فقلت: والله ما أخطأتَ من صفتنا شيئًا، ولا من نعتِنا، إنْ كنا لأبعدَ الناس دارًا، وأشدَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>